العمل بالأخبار، والكتاب معلوم الحجية، فيكون حكم الخبر معلوما لنا، وهو حرمة العمل.
قلنا: لا دلالة لشئ من الآيات على ذلك أصلا; لأن ما يتوهم دلالته منحصر في قوله سبحانه: * (ولا تقف ما ليس لك به علم) *، (1) وقوله تعالى: * (إن يتبعون إلا الظن) * (2)، وقوله عز شأنه: * (وما يتبع أكثرهم إلا ظنا) * (3)، وقوله عز جاره: * (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) * (4).
والآية الأولى خطاب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا دخل لها بنا، سيما مع تفاوت حالنا، فإن باب العلم له صلى الله عليه وآله - بالوحي والإلهام - في الأحكام مفتوح، ولنا مسدود، مع أن المعلوم حجيته لنا من الكتاب ما كان خطابا لنا أو لمن يشملنا أيضا (5).
والثانية لا تدل على الحرمة إلا باعتبار تضمنها المذمة، والمذمة إنما وقعت على عدم اتباعهم غير الظن، لا على اتباعهم الظن.
وكذا الثالثة والرابعة لا تدل إلا على أن الظن غير مغن عن الحق، ولا دلالة على حرمة العمل، فإن قولك: الهدية لا تسقط الدين، لا يدل على حرمة الهدية.
نعم لو كنا في مقام الاستدلال بالخبر أو الظن على شئ، أو كنا نقول: إن التكليف بأحكام باق لنا ولا بد من استخراجها بالخبر أو الظن، ترده الآية بأن الظن لا يغنى من الحق شيئا. وأما مطلوبنا، فهو جواز الأخذ بالخبر، والعمل بما يفيد، هذا