الرعاية في علم الدراية (حديث) - الشهيد الثاني - الصفحة ٦٧
القائل أبن الصلاح (1) -: (من سئل عن ابراز مثال لذلك أعياه طلبه (2)).، هذا مع كثرة رواتهم، قديما " وحديثا "، وانتشارهم في أقطار الأرض.
قال: وحديث (إنما الأعمال بالنيات) (3).

(١) عثمان بن عبد الرحمان، المعروف بابن الصلاح، ولد في شرخان، قرب شهر زور، سنة ٥٧٧ ه‍، وانتقل إلى الموصل ثم إلى خراسان، فبيت المقدس، حيث ولي التدريس في الصلاحية، وانتقل إلى دمشق ولاه الملك الأشرف في دمشق تدريس دار الحديث، وتوفي فيها سنة ٦٤٣ ه‍، له كتاب (معرفة أنواع علوم الحديث - ط) يعرف بمقدمة ابن الصلاح.، ينظر: الاعلام: ٤ / ٣٦٩.
(٢) قال ابن الصلاح: (ومن سئل عن ابراز مثال لذلك من الحديث أعياه تطلبه).، مقدمة ابن الصلاح: ٣٩٣.
(٣) هكذا ورد الحديث في صحيح البخاري: ١ / ٢، ط ١ - ١٣٠٤ ه‍، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله.
وجاء فيه: حدثنا الحميدي قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي: أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على المنبر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هجر إليه).
كما جاء في هذا البخاري أيضا ": حاشية للسندي، جد محترمة، حول قيمة هذا الحديث، وأوليته في مقدمات الأعمال.، ينظر: صحيح البخاري ١ / ٢ - ٣.
هذا، وقد ورد الحديث أيضا " في صحيح مسلم: م ٣ ص ١٥١٥ - ١٥١٦.، غير أن لفظ (النية)، جاءت فيه بدلا " من (النيات).، وعبارة (لكل امرئ، بدلا " من (لامرئ).، وزيادة جملة: (فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله، فهجرته إلى الله ورسوله)، قبل جملة (ومن كانت هجرته لدنيا...).
نعم، الذي جاء في صحيح البخاري: ١ / ١٤، هو المطابق لما في صحيح مسلم: ٣ / ١٥١٥ - ١٥١٦.
وقال خادم السنة - محمد فؤاد عبد الباقي في هامش صحيح مسلم: ٣ / ١٥١٥:
(أجمع المسلمون على عظم موقع هذا الحديث، وكثرة فوائده وصحته.، قال الشافعي وآخرون: هو ثلث الاسلام.، وقال الشافعي.، يدخل في سبعين بابا " من الفقه.، وقال آخرون: هو ربع الاسلام: وقال عبد الرحمان بن مهدي وغيره: ينبغي لمن صنف كتابا "، أن يبدأ فيه بهذا الحديث، تنبيها " للطالب على تصحيح النية.، ونقل الخطابي هذا عن الأئمة مطلقا ".، وقد فعل ذلك البخاري وغيره، فابتدأوا به قبل كل شئ.، وذكره البخاري في سبعة مواضع من كتابه.، قال الحفاظ: ولم يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية عمر بن الخطاب، ولا عن عمر إلا من رواية علقمة بن وقاص، ولا عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم التيمي، ولا عن محمد إلا من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري.، وعن يحيى انتشر، فرواه عنه أكثر من مائتي إنسان، أكثرهم أئمة.، ولهذا قال الأئمة: ليس هو متواترا "، وإن كان مشهورا " عند الخاصة والعامة، لأنه فقد شرط التواتر في أوله.
وفيه طرفة من طرف الاسناد.، فإنه رواه ثلاثة تابعيون - بعضهم عن بعض - يحيى، ومحمد، وعلقمة.، قال جماهير العلماء - من أهل العربية والأصول وغيرهم - لفظة (إنما) موضوعة للحصر، تثبت المذكور وتنفي ما سواه.، فتقدير هذا الحديث: إن الأعمال تحسب إذا كانت بنية، ولا تحسب إذا كانت بلا نية...).
ويلاحظ أيضا ": فتح الباري: ١ / 8 - 9.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»