الرعاية في علم الدراية (حديث) - الشهيد الثاني - الصفحة ٥٧
لكاذبون). (1) حيث شهد الله تعالى عليهم: بأنهم كاذبون في قولهم: (إنك لرسول الله). (2) مع أنه مطابق للواقع، حيث لم يكن موافقا " لاعتقادهم فيه ذلك. (3) فلو كان الصدق: عبارة " عن مطابقة الواقع مطلقا "، لما صح ذلك.
وأجيب:
- 1 - بأن المعنى: لكاذبون في الشهادة، وادعائهم: مواطاة قلوبهم لألسنتهم.
فالتكذيب راجع إلى قولهم: نشهد.، باعتبار تضمنه خبرا " كاذبا ": وهو أن شهادتهم صادرة، عن صميم القلب وخلوص الاعتقاد.، بشاهد تأكيدهم الجملة ب‍: إن، و (اللام)، و الجملة الاسمية. (4) - 2 - أو أن المعنى: لكاذبون في تسمية هذا الاخبار: شهادة.
أو في المشهود به.، أعني قوله: إنك لرسول الله - في زعمهم - لانهم يعتقدون أنه غير مطابق للواقع، فيكون كذبا " عندهم، وإن كان صدقا " في نفس الامر، لوجود مطابقته فيه. (5) أو في حلفهم: أنهم لم يقولوا: (لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا...) (6) الخ.، بما روي عن زيد بن أرقم (7): أنه سمع عبد الله بن أبي (8) يقول ذلك، فأخبر النبي

(١) صورة المنافقون، آية ١.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) أي: قول إنك لرسول الله.، (خطية الدكتور محفوظ: ص ٥) ويرى المددي أن التعليقة المناسبة هنا: أي لاعتقادهم في النبي - ص - الرسالة الإلاهية.
(4) ينظر: شرح المختصر: ص 18.
(5) ينظر: المصدر نفسه.، والمقصود بلفظة (فيه).، أي، في نفس الامر كما في: (خطية الدكتور محفوظ:
ص 5).
(6) سورة المنافقون، آية 7.
(7) زيد بن أرقم الخزرجي الأنصاري: صحابي: غزا مع النبي (ص) سبع عشرة غزوة، وشهد صفين مع علي، ومات بالكوفة. روي له البخاري ومسلم 70 حديثا "، توفي سنة 68 ه‍.، ينظر: الأعلام للزركلي: 4 / 188.
(8) عبد الله بن أبي بن مالك الخزرجي، أبو الحباب، المشهور بابن سلول.، رأس المنافقين في الاسلام.، من أهل المدينة، كان سيد الخزرج في آخر جاهليتهم، وأظهر الاسلام بعد وقعة بدر تقية ". ولما تهيأ النبي (ص) لوقعة أحد، انعزل أبي وكان معه ثلاثمائة رجل، فعاد بهم إلى المدينة وفعل ذلك يوم التهيؤ لغزوة تبوك، و كان كلما حلت بالمسلمين نازلة شمت بهم، وكلما سمع سيئة " نشرها، وله في ذلك أخبار.، ينظر: الأعلام للزركلي : 4 / 188.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»