الاحكام - ابن حزم - ج ٤ - الصفحة ٤٧٣
إنه تعالى إنما أراد من هؤلاء الانقياد والعزيمة فقط، والله تعالى لم يرد قط ممن مات قبل حلول وقت الصلاة أن يصليها.
واحتج بعض من تقدم - في إجازة نسخ الشئ قبل العمل به - بحديث الزبير:
إذ خاصم الأنصاري في سيل مهزور ومذينب وجعل الامر الآخر منه عليه السلام ناسخا للأول. وأبطل قول من قال: كان الامر الأول على سبيل الصلح وتر ك الزبير بعض حقه وقال: إن هذا لا يحل أن يقال، لان حكمه عليه السلام كله حق واجب، لقول الله تعالى: * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم) * فلم يخص أمرا دون أمر، ولو ساغ ذلك في هذا الحديث، لساغ لكل أحد أن يقول في أي حكم حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هذا على سبيل الصلح لاعلى سبيل الحقيق، وهذا كفر من قائله.
قال أبو محمد: وقد صدق هذا المحتج فيما قال.
قال بعضهم: لو جاز النسخ قبل العمل لجاز قبل الاعتقاد.
قال أبو محمد: وهذا قياس، والقياس باطل، ولو كان القياس حقا لكان هذا فاسدا، إذ ليس سقوط العقل موجبا لسقوط الاعتقاد، وقد يعتقد وجوب الشئ وتصحيحه من لا يفعله من المسلمين العصاة، وقد يفعله من لا يعتقده من المنافقين والمرائين، وهذا أمر يعلم بالمشاهدة، فبطل أن يكون الاعتقاد مرتبطا بالعمل، وبطل ما موه به هذا المعترض من أنه لو جاز النسخ قبل العمل لجاز قبل الاعتقاد، فإن قالوا: لو جاز نسخ الشئ قبل العمل به لكان اعتقاده حسنا وطاعة، وفعله قبيحا ومعصية، وهذا محال.
فالجواب: إن هذا شغب ضعيف لأنهم جمعوا بين حكم زمانين مختلفين، وإنما يكون اعتقاد الشئ حقا - إن فعل - إذا لم ينسخ، فأما إذا نسخ فإنما الواجب اعتقادا أنه معصية إن فعل، واعتقاد أنه قد كان طاعة في وقت آخر، وهذا ليس محالا فإن قالوا: الاعتقاد فعل قيل لهم: الاعتقاد فعل النفس منفردة لا شركة للجسد
(٤٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الرابع عشر: في أقل الجمع 391
2 فصل: من الخطاب الوارد بلفظ الجمع 396
3 الباب الخامس عشر: في الاستثناء 397
4 فصل واختلفوا في نوع من الاستثناء 402
5 فصل: من الاستثناء 407
6 الباب السادس عشر: في الكناية بالضمير 412
7 الباب السابع عشر: في الإشارة 412
8 الباب الثامن عشر: في المجاز والتشبيه 413
9 فصل في التشبيه 421
10 الباب التاسع عشر: في أفعال رسول الله (ص) وفى الشئ يراه أو يبلغه فيقره صامتا عليه لا يأمر به ولا ينهى عنه 422
11 باب الكلام في النسخ وهو الموفي عشرين 438
12 فصل: الأوامر في نسخها وإثباتها تنقسم أقساما أربعة 440
13 فصل: في رد المؤلف على القائلين - وقد ذكر النسخ وارتفاع اللفظ المنسوخ: وهذا وجه من وجوه الحكمة 442
14 فصل: في قوله تعالى (ما ننسخ من آية أو ننسأها) 443
15 فصل اختلف الناس في النسخ على ما يقع أعلى الأمر أم على المأمور به؟ 443
16 فصل وقد تشكك قوم في معاني النسخ والتخصيص والاستثناء 444
17 فصل في إمكان النسخ ثم إيجابه ثم امتناعه 445
18 فصل فيما يجوز فيه النسخ وفيما لا يجوز فيه النسخ 448
19 فصل هل يجوز نسخ الناسخ 455
20 فصل في مناقل النسخ 456
21 فصل في آية ينسخ بعضها ما حكم سائرها؟ 457
22 فصل في كيف يعلم المنسوخ والناسخ مما ليس منسوخا 458
23 فصل ولا يضر كون الآية المنسوخة متقدمة في الترتيب والناسخة متأخرة فيه 465
24 فصل في نسخ الأخف بالأثقل والأثقل بالأخف 466
25 فصل في نسخ الشئ قبل أن يعمل به 472
26 فصل في نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 477
27 فصل في نسخ الفعل بالأمر والأمر بالفعل 483
28 فصل في متى يقع النسخ عمن بعد عن موضع نزول الوحي 485
29 فصل في النسخ بالإجماع 488
30 فصل في رد المؤلف على من أجاز نسخ القرآن والسنة بالقياس 488
31 الباب الحادي والعشرون: في المتشابه من القرآن والفرق بينه وبين المتشابه وبين المتشابه في الأحكام 489
32 الباب الثاني والعشرون: في الاجماع وعن أي شئ يكون الاجماع وكيف ينقل الاجماع 494
33 فصل ثم اختلف الناس في وجوه من الاجماع 506
34 ذكر الكلام في الاجماع إجماع من هو؟ إجماع الصحابة أم الاعصار بعدهم وأي شئ هو الاجماع وبأي شئ يعرف أنه إجماع 509
35 فصل فيمن قال إن الاجماع لا يجوز لأحد خلافه 512
36 فصل وأما من قال بمراعاة انقراض العصر في الاجماع 513
37 فصل وأما من قال إذا اختلف أهل عصر ما في مسألة ما 515
38 فصل وأما من قال إذا اختلف أهل عصر ما ثم أجمع أهل عصر ثان على أحد الأقوال التي اختلفت عليها أهل العصر الماضي 515
39 فصل وأما قول من قال إن افترق أهل العصر على أقوال كثيرة 516
40 فصل فيمن قال مالا يعرف فيه خلاف فهو إجماع وبسط الكلام فيما هو اجماع وفيما ليس إجماع 529
41 فصل فيمن قال بأن خلاف الواحد من الصحابة أو ممن يعدم لا يعد خلافا وأن قول من سواه فيما خالفهم فيه إجماع 544
42 فصل في قول من قال قول الأكثر هو الاجماع ولا يعتد بقول الأقل 552
43 فصل: في إبطال قول من قال الاجماع هو إجماع أهل المدينة 552
44 فصل: فيمن قال ان الاجماع هو إجماع أهل الكوفة 566
45 فصل: في إبطال قول من قال أن قول الواحد من الصحابة إذا لم يعرف له مخالف فهو إجماع وإن ظهر خلافه في العصر الثاني 566
46 فصل: وأما من قال ليس لأحد أن يختار بعد أبى حنيفة الخ 572
47 فصل: وتكلموا أيضا في معنى نسبوه إلى الاجماع 579
48 فصل: واختلفوا هل يدخل أهل الأهواء في الاجماع أم لا؟ 580