الاحكام - ابن حزم - ج ٤ - الصفحة ٤٠٥
قالوا: فإن كان مقدار ذلك أكثر من الثلث مما هو فيه، لم يجز بيعه إن كان فضة بفضة أصلا، وإن كان ذهبا بذهب أصلا، قالوا: والسكين بخلاف الحلي والسيف المصحف في ذلك.
قال علي: فمرة كما ترى يجعلونه الثلث قليلا، ومرة يجعلونه كثيرا، ومرة يجعلون النصف قليلا، ومرة يجعلون ما زاد على العشر كثيرا، تحكما بآرائهم الفاسدة بلا دليل، وإن سماع هذه القضايا الفاسدة التي لم يأذن بها الله عز وجل لعبرة لمن اعتبر، وآية لمن تفكر، والعجب يتضاعف من قوم قبلوا ذلك ودانوا به كما ترى وتركوا له دلائل القرآن والسنة ونصوصهما، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
قال علي: وقد جاء في نص القرآن استثناء الأكثر من جملة يبقى منها الأقل بعد ذلك، فبطل كلام كل من خالفه، قال الله عز وجل لإبليس: * (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين) * وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا في الأمم التي تدخل النار، كالشعرة السوداء في الثور الأبيض، وأنه عليه السلام يرجو ان يكون نصف أهل الجنة، وأن بعث أهل النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون للنار، واحد إلى الجنة، هذا حكم جميع ولد آدم عليه السلام، ويكفي من ذلك قوله تعالى: * (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) * فقد استثنى الغاوين من جملة الناس وهم أكثر الناس، فاستثنى كما ترى ألفا غير واحد من ألف.
قال علي: وأيضا فإن الاستثناء إنما هو إخراج للشئ المستثنى، مما أخبر به المخبر عن الجملة المستثنى منها، ولا فرق بين إخراجك من ذلك الأكثر، وبين إخراجك الأقل، وكل ذلك خبر يخبر به، فالخبر جائز عن الأكثر كجوازه عن الأقل، ولا يمنع من ذلك إلا وقاح معاند أو جاهل، وأيضا فلا شك بضرورة التمييز أن عشرة آلاف أكثر من عشر آلاف حاشا واحدا، فإذا كان ذلك فعشرة آلاف غير واحد قليل بالإضافة إلى عشرة آلاف كاملة، وإذا كان ذلك فاستثناء القليل من الكثير جائز لا تمانع فيه. وأيضا فإنه لا فرق بين قول القائل ألف غير تسعمائة وتسعة وتسعين، وبين قوله، واحد، ولا فرق بين قول القائل: سبعمائة وثلاثمائة، وبين قوله: ألف، وهذا كله من المتلائمات وهي
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الرابع عشر: في أقل الجمع 391
2 فصل: من الخطاب الوارد بلفظ الجمع 396
3 الباب الخامس عشر: في الاستثناء 397
4 فصل واختلفوا في نوع من الاستثناء 402
5 فصل: من الاستثناء 407
6 الباب السادس عشر: في الكناية بالضمير 412
7 الباب السابع عشر: في الإشارة 412
8 الباب الثامن عشر: في المجاز والتشبيه 413
9 فصل في التشبيه 421
10 الباب التاسع عشر: في أفعال رسول الله (ص) وفى الشئ يراه أو يبلغه فيقره صامتا عليه لا يأمر به ولا ينهى عنه 422
11 باب الكلام في النسخ وهو الموفي عشرين 438
12 فصل: الأوامر في نسخها وإثباتها تنقسم أقساما أربعة 440
13 فصل: في رد المؤلف على القائلين - وقد ذكر النسخ وارتفاع اللفظ المنسوخ: وهذا وجه من وجوه الحكمة 442
14 فصل: في قوله تعالى (ما ننسخ من آية أو ننسأها) 443
15 فصل اختلف الناس في النسخ على ما يقع أعلى الأمر أم على المأمور به؟ 443
16 فصل وقد تشكك قوم في معاني النسخ والتخصيص والاستثناء 444
17 فصل في إمكان النسخ ثم إيجابه ثم امتناعه 445
18 فصل فيما يجوز فيه النسخ وفيما لا يجوز فيه النسخ 448
19 فصل هل يجوز نسخ الناسخ 455
20 فصل في مناقل النسخ 456
21 فصل في آية ينسخ بعضها ما حكم سائرها؟ 457
22 فصل في كيف يعلم المنسوخ والناسخ مما ليس منسوخا 458
23 فصل ولا يضر كون الآية المنسوخة متقدمة في الترتيب والناسخة متأخرة فيه 465
24 فصل في نسخ الأخف بالأثقل والأثقل بالأخف 466
25 فصل في نسخ الشئ قبل أن يعمل به 472
26 فصل في نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 477
27 فصل في نسخ الفعل بالأمر والأمر بالفعل 483
28 فصل في متى يقع النسخ عمن بعد عن موضع نزول الوحي 485
29 فصل في النسخ بالإجماع 488
30 فصل في رد المؤلف على من أجاز نسخ القرآن والسنة بالقياس 488
31 الباب الحادي والعشرون: في المتشابه من القرآن والفرق بينه وبين المتشابه وبين المتشابه في الأحكام 489
32 الباب الثاني والعشرون: في الاجماع وعن أي شئ يكون الاجماع وكيف ينقل الاجماع 494
33 فصل ثم اختلف الناس في وجوه من الاجماع 506
34 ذكر الكلام في الاجماع إجماع من هو؟ إجماع الصحابة أم الاعصار بعدهم وأي شئ هو الاجماع وبأي شئ يعرف أنه إجماع 509
35 فصل فيمن قال إن الاجماع لا يجوز لأحد خلافه 512
36 فصل وأما من قال بمراعاة انقراض العصر في الاجماع 513
37 فصل وأما من قال إذا اختلف أهل عصر ما في مسألة ما 515
38 فصل وأما من قال إذا اختلف أهل عصر ما ثم أجمع أهل عصر ثان على أحد الأقوال التي اختلفت عليها أهل العصر الماضي 515
39 فصل وأما قول من قال إن افترق أهل العصر على أقوال كثيرة 516
40 فصل فيمن قال مالا يعرف فيه خلاف فهو إجماع وبسط الكلام فيما هو اجماع وفيما ليس إجماع 529
41 فصل فيمن قال بأن خلاف الواحد من الصحابة أو ممن يعدم لا يعد خلافا وأن قول من سواه فيما خالفهم فيه إجماع 544
42 فصل في قول من قال قول الأكثر هو الاجماع ولا يعتد بقول الأقل 552
43 فصل: في إبطال قول من قال الاجماع هو إجماع أهل المدينة 552
44 فصل: فيمن قال ان الاجماع هو إجماع أهل الكوفة 566
45 فصل: في إبطال قول من قال أن قول الواحد من الصحابة إذا لم يعرف له مخالف فهو إجماع وإن ظهر خلافه في العصر الثاني 566
46 فصل: وأما من قال ليس لأحد أن يختار بعد أبى حنيفة الخ 572
47 فصل: وتكلموا أيضا في معنى نسبوه إلى الاجماع 579
48 فصل: واختلفوا هل يدخل أهل الأهواء في الاجماع أم لا؟ 580