الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢١٣
عندنا فيها إلا الاجماع وحده، وذلك مثل القراض الذي لولا الاجماع على جوازه لاتصال نقل الاعصار به عصرا بعد عصر بأنه كان القراض في الجاهلية مشهورا، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أقره ولم ينه عنه، وهو يعلمه فاشيا في قريش، وكانوا أهل تجارة ولا عيش لهم إلا منها - لم نجزه، ولو وجدنا واحدا من العلماء يقول بإبطاله لوافقناه ولقلنا بقوله، إذ لا نص في إباحته، ولأنه شرط لم يأت به نص، وكل شرط هذه صفته فإن لم يتفق على صحته فهو باطل بقوله عليه السلام: كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل فما كان من هذا النوع فإنا نراعي في مسائله الاجماع، فما أجمعوا عليه منها قلنا به. وما اختلف فيه أسقطناه بالبتة، لأنه قد بطل الاجماع فيه، والاجماع هو برهان صحته الذي لا برهان لصحته سواه، وما بطل برهان صحته فقد بطل القول به، وأما ما قام برهان ع لي صحته من غير الاجماع. فلا ينبغي أن يلتفت من وافق عليه، ولا من خالف، ولا يتكثر بمن وافق فيه كائنا من كان، ولا يستوحش ممن خالف فيه كائنا من كان ولو كان ما ذكر هذا المغفل حجة لساغ للحنيفي أن يقول: قد وافقتموني على وجوب قطع يد من سرق ما يساوي عشرة دراهم، وخالفتكم في قطع من سرق أقل من ذلك، فلا يلزمني إلا ما اتفقنا عليه، لا ما اختلفنا فيه. ولساغ له أن يقول: قد وافقتموني على أن القصر يكون من ثلاثة أيام فصاعدا، واختلفنا في أقل، فلا يجب إلا ما اتفقنا عليه. ولساغ له أن يقول: قد وافقتموني على أن الصداق يكون عشرة دراهم، وخالفتكم في أقل من ذلك، فلا يصح إلا ما اتفقنا عليه، لا ما اختلفنا فيه.
ولساغ للمالكي أن يقول: قد وافقتموني على أن المغتسل إذا تدلك تم غسله، وخالفتكم فيه إذا لم يتدلك، فلا يجب إلا ما اتفقنا عليه دون مما اختلفنا فيه ووافقتموني على أن من وقف بعرفة ليلا أن وقوفه صحيح، وخالفتكم فيمن وقف نهارا ودفع قبل غروب الشمس، فلا يصح إلا ما اتفقنا عليه دون ما اختلفنا فيه. ولساغ له أن يقول: قد وافقتكم على أن الصوم إذا سلم من الاكل بالنسيان
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258