متولدة من إرادة موافقة المولى المتولدة من أحد الدواعي القلبية التي أشرنا إليها، فتدبر.
وقد ظهر لك مما ذكرنا ما هو الحق في الجواب عن إشكال الباب بناء على كون قصد الامر جزا للمأمور به أو قيدا له، وتبين لك أيضا فساد كلام المحقق الخراساني. ثم إن فيما ذكره أخيرا من عدم اختيارية الإرادة لايجادها التسلسل أيضا ما لا يخفى، فإن اختيارية كل فعل بالإرادة واختيارية الإرادة بنفسها. [1] مضافا إلى أن الإرادة لو كانت غير اختيارية، وكان هذا مانعا من جعلها جزا وشطرا كان مانعا من شرطيتها أيضا، فلم خص الاشكال بصورة جزئيتها؟ بل يرد عليه أن الاشكال بعينه وارد أيضا بناء على تعلق الامر بنفس الصلاة وعدم سقوط الغرض إلا بإتيانها بقصد الامتثال، كما هو مبناه (قده)، فإن قصد الامتثال إذا كان غير اختياري، لا يمكن أن يكون تحصيل الغرض المتوقف عليه واجبا للزوم إناطة الامتثال بأمر غير اختياري. ثم إن الجواب المذكور كما عرفت إنما هو بناء على جزئية قصد الامر أو قيديته.
دفع الاشكال ببيان آخر:
ويمكن أن يجاب عن الاشكال أيضا ببيان آخر، وعليه لا يكون قصد الامتثال جزا ولا قيدا، وذلك بناء على عدم كون مثل الصلاة و نحوها أمورا مركبة.
توضيح ذلك: أنه يمكن أن يقال إن الصلاة مثلا اسم لمجموع الاجزاء المتشتتة الملحوظة بلحاظ واحد، وقد أمر بها الشارع متقيدة بقيود معينة مثل الطهارة ونحوها، وعليه فيكون الجواب عن الاشكال بتقريب مر بيانه.
ويمكن أن يقال أيضا كما هو الأظهر: إن الصلاة مثلا عنوان انتزاعي بسيط ينتزع عن الأمور المتشتتة التي أولها التكبير وآخرها التسليم، ويكون انطباق هذا العنوان البسيط على معنونه - أعني هذه المتشتتات - متوقفا بحسب الواقع على وجود أمور نسميها بالشرائط وفقد أمور نسميها بالموانع، غاية الأمر أن الشارع قد كشف عن هذا المعنى وأمر بإيجاد هذا الامر البسيط، وعلى هذا فليس مثل التكبير مثلا جزا لنفس الصلاة، إذ المفروض بساطتها فهو جز للمعنون [1] أقول لا معنى لاختيارية الإرادة وكون إراديتها بنفسها، فإن معنى اختيارية الفعل كون اختيار الفاعل وإرادته علة لحصوله، ولا يعقل كون الإرادة علة لنفسها، (نعم)، هي إرادة بالحمل الأولي، ولكن لا تكفي ذاتها في تحققها، وإلا لكانت واجبة الوجود. ح - ع - م.