تكون الطهارة مغياة به، ومن الظاهر أنه لا تنافي بين الطهارة المغياة بالموت والنجاسة المنوطة به، وإنما المنافي للنجاسة المنوطة بالموت هو الطهارة المطلقة، وليست هي مستصحبة، لعدم اليقين بها سابقا، بل المتيقن عدمها، وليس الثابت سابقا الطهارة المغياة، واستصحابها لا يعارض استصحاب النجاسة المنوطة، بل يجتمعان، كما كانتا سابقا معلومتين معا.
وحينئذ كما كان استصحاب النجاسة المنوطة بالموت مقتضيا لفعلية النجاسة وحدوثها بسببه، يكون استصحاب الطهارة المغياة بالموت مقتضيا لارتفاعها بعده، وكما لا تعارض بين استصحابي الطهارة المغياة والنجاسة المنوطة، لا تعارض بين مقتضاهما، وهو فعلية النجاسة وارتفاع الطهارة بالموت.
وبعبارة أخرى: استصحاب الحكم المقيد يقتضي التعبد بالحكم تبعا لقيده على نحو تقييده به، فإذا كان القيد شرطا للحكم كان مقتضيا لوجوده، وإذا كان غاية له كان مقتضيا لعدمه، فالموت في المقام شرط للنجاسة وغاية للطهارة المستصحبتين، فلابد من حدوث النجاسة وارتفاع الطهارة بسببه.
وبهذا لا يحتاج لدعوى حكومة استصحاب الحكم المنوط على استصحاب الحكم الفعلي المضاد، كما سلكه شيخنا الأعظم قدس سره وتقدم تقريبه بوجوه تقدم الاشكال فيها، لان استصحاب الحكم الفعلي محكوم لاستصحاب الحكم المغيى، كما كان استصحاب الحكم المنوط حاكما على استصحاب عدم فعليته، حيث لم يحتمل أحد معارضة استصحاب نجاسة الميتة باستصحاب عدم نجاسة الحيوان.
نعم، يبقى الاشكال في وجه إحراز وجود الحكم الفعلي أو ارتفاعه بتعا لاستصحاب الحكم الكبروي المنوط أو المغيى، مع وضوح تباينهما وعدم الترتب بينهما لا شرعا ولا عقلا، بل بينهما محض التلازم خارجا، فلا يحرز