وجوب تعييني ناشئ عن وجود مصلحة ملزمة فيها، كما أن وجوب الصلاة مع الطهارة المائية وجوب تعييني ناشئ عن وجود مصلحة ملزمة فيها، فإذن إجزاء الصلاة مع الطهارة الترابية عن الصلاة مع الطهارة المائية إنما هو بملاك أن الاتيان بالأولى يوجب تفويت مصلحة الصلاة مع الطهارة المائية تماما للمضادة بينهما، فلا يمكن استيفاء تلك المصلحة بالإعادة في آخر الوقت عند ارتفاع العذر، ومن هنا لولا اطلاق أدلة الاضطرار كان العقل مستقلا بعدم جواز البدار الموجب لتفويت المصلحة كاملة (1).
وفيه أولا: ما عرفت من أنه لا اطلاق لأدلة الأوامر الاضطرارية بالنسبة إلى العذر غير المستوعب لتمام الوقت.
وثانيا: مع الاغماض عن ذلك وتسليم أن لها اطلاقا، إلا أن مقتضى اطلاقها جواز البدار والاتيان بالوظيفة الاضطرارية في أول الوقت كالصلاة مع الطهارة الترابية أو جالسا أو مع الايماء، ولا يحتمل تعين البدار إليها ثبوتا، لفرض أن الوظيفة الاختيارية في آخر الوقت كالصلاة مع الطهارة المائية بعد ارتفاع العذر مشتملة على مصلحة أكمل وأهم من مصلحة الصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت، فإذن كيف يمكن أن يكون الأمر بها في أول الوقت تعيينيا لا تخييريا.
وثالثا: أن العقل إذا كان مستقلا بعدم جواز تفويت المصحلة الكاملة والاكتفاء بالمصلحة الناقصة كان ذلك قرينة لبية مانعة عن انعقاد ظهور أدلة الأوامر الاضطرارية في الاطلاق، نعم لو كان هناك نص على الترخيص في التفويت، ارتفع حكم العقل بارتفاع موضوعه، ولكنه غير موجود.