ينصب قرينة كان مقتضى اطلاق الأمر أنه لا قصور فيه، فيكون عدم نصب القرينة على الاستحباب قرينة على الوجوب (1).
والجواب أولا: ما عرفت من أن الأمر يدل مادة وهيئة على الوجوب بالوضع، ولا تتوقف هذه الدلالة على ما ذكره (قدس سره) من المقدمة، وهي ظهور حال الأمر في أن أمره تام في التوسل به إلى إيجاد المطلوب ومساوق لسد تمام أبواب العدم للانبعاث والتحرك نحو إيجاده في الخارج.
وثانيا: أن هذا الوجه في نفسه غير تام، لأنه مبني على أحد أمرين:
الأول: الغلبة بدعوى أن الغالب فيمن يأمر بشيء ويطلبه من غيره فإنما يطلبه من أجل إيجاده في الخارج واندفاعه إليه وتأثيره فيه تأثيرا تاما.
الثاني: أن اطلاق الأمر الصادر من المولى ينصرف إلى إرادة الفرد التام والكامل وهو الوجوب، فان كماله وتماميته منشأ لهذا الظهور والانصراف، ولكن كلا الأمرين ممنوع.
أما الأمر الأول، فيرد عليه أولا: منع الغلبة لأن الأوامر الاستحبابية الواردة في الشريعة المقدسة لو لم تكن أكثر من الأوامر الوجوبية، فلا شبهة في أن الأوامر الوجوبية ليست بأكثر منها بمرتبة تؤدي كثرتها إلى تكوين هذه القاعدة وهي قاعدة الغلبة.
وثانيا: مع الاغماض عن ذلك وتسليم كثرة الأوامر الوجوبية بهذه المرتبة، إلا أن هذه القاعدة قاعدة ظنية فلا تكون حجة.
وعلى الجملة فلو لم يكن الأمر في نفسه ظاهرا في الوجوب، لم يمكن حمله عليه