ذلك جعل المواقيت والموقفين، وجعل الصفا والمروة والمسعى من شعائر الله، وأمثال ذلك، وإن أمكن أن يقال بانتزاع بعضها من الحكم التكليفي.
ومنها: ما يكون مجعولا عقيب شئ اعتباري أو تكويني، كضمان اليد والإتلاف، وكحق السبق والتحجير، وكحق الرهان في باب السبق والرماية، وكالملكية عقيب الإحياء والحيازة، ومن قبيله جميع الحدود الشرعية، وأحكام القصاص والديات.
ومنها: ما يكون مجعولا عقيب أمر تشريعي قانوني، كالعهدة عقيب عقد الضمان، ومن ذلك مفاد العقود والإيقاعات، فإن كل ذلك من التشريعيات والجعليات الشرعية والعرفية التي أنفذها الشارع، والمراد من الأحكام التشريعية [ما هو] أعم من العرفيات التي أنفذها الشارع، أو لم يردع عنها.
ثم اعلم: أن في العقود والايقاعات وسائر الوضعيات ذوات الأسباب يمكن أن يلتزم بجعل السببية، فيقال: بأن الشارع جعل الحيازة سببا للملكية، واليد سببا للضمان، وعقد البيع والنكاح سببين لمسببهما، ويمكن أن يلتزم بجعل المسبب عقيب السبب، والأول هو الأقرب بالاعتبار والأسلم من الإشكال، لكن في كل مورد لا بد من ملاحظة مقتضى دليله.
فقد اتضح مما ذكرنا: النظر في كثير مما أفاده المحقق الخراساني (1) وغيره (2) في المقام، منه ما أفاده رحمه الله في النحو الأول من الوضع، فإنه مع تسليم عدم تطرق الجعل التشريعي مطلقا إلى شئ لا وجه لعده من الأحكام الوضعية (3) فإن الأحكام الوضعية هي الأحكام الجعلية والمقررات الشرعية، فلا معنى لعد ما لا يتطرق إليه الجعل منها.