وعلى الثاني: هل يكون الاستصحاب التعليقي مفيدا ومنتهيا إلى العمل، أو لا، لابتلائه بالمعارضة دائما؟ فلا بد من تمحض البحث في ذلك.
وأما قضية بقاء الموضوع وعدمه، أو إرجاعه القضية التعليقية إلى القضية التنجيزية فهي خارجة عن محط البحث ومورد النقض والإبرام، فما أفاده الشيخ الأنصاري رحمه الله من استصحاب سببية الشرط للمشروط (1) وإن كان حقا على إشكال، ويدفع به الإشكال بوجه، لكنه خروج عن موضوع البحث، ومع ذلك لا محيص عن التعرض له تبعا لهم.
الثاني: ان التعليقات الواقعة في لسان الشرع والقضايا المشروطة كقوله: (إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شئ) (2) وقوله: (إذا نش العصير أو غلى حرم) (3) تحتمل ثبوتا لأمور:
منها: جعل الحكم متعلقا بموضوعاتها على تقدير شئ، فيكون المجعول في قوله: (إذا غلى العصير حرم) هو حرمته على تقدير الغليان، وفي قوله: (إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ) هو الاعتصام على تقدير الكرية.
ومنها: جعل الحكم متعلقا بموضوع متقيد: بعنوان، فيكون المجعول فيهما هو الحرمة المتعلقة بالعصير المغلي، والاعتصام للماء البالغ حد الكر، فيكون قوله: (إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ) عبارة أخرى عن أن الكر لا ينجسه شئ، فيكون التعبير بذلك تفننا في البيان، أو تنبيها على أن السر في نجاسة المغلي هو غليانه، وفي اعتصام الماء هو كريته، وعلى هذا يكون الموضوع مركبا من ذات وقيد.
ومنها: جعل سببية المعلق عليه للمعلق، فيكون مفاد القضيتين أن الغليان سبب