الكلام وعدمها لا تتقومان بوحدة الداعي وعدمها، لا طردا ولا عكسا، كما يظهر بالتأمل في موارده.
فما أفاده بعض أعاظم العصر: من أنه إذا شك في بقاء الزماني لأجل احتمال قيام مبدأ آخر يقتضي وجوده فالأقوى عدم الجريان، لرجوعه إلى الوجه الثاني من القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي، فإن وحدة الكلام عرفا إنما تكون بوحدة الداعي (1)، ليس على إطلاقه بصحيح، لأن الميزان في وحدة الكلام هو نفس شخصيته ووجوده، لا الدواعي الموجبة لإيجاده.
وأما القسم الثالث: وهو ما يكون الزمان قيدا لأمر مستقر فجريان الاستصحاب فيه كجريانه في نفس الزمان إشكالا وجوابا.
ولا يخفى: أن مناط الإشكال في الأقسام الثلاثة واحد، وهو أن التقضي والتصرم في المستصحب هل يوجب عدم جريانه أم لا؟ فكما إذا شك في بقاء النهار يكون استصحاب النهار موردا للبحث، كذلك إذا قيد الجلوس بالنهار يكون محل البحث ما إذا شك في بقاء النهار، وأن الجلوس المتقيد بأمر متصرم هل يجري الاستصحاب فيه أم لا؟
وأما استصحاب نفس وجوب الجلوس بعد مضي النهار فليس موردا للبحث ها هنا، ومناط الإشكال فيه ليس مناطه في الزمان والزمانيات حتى يقال: إن الزمان إذا اخذ قيدا لا يجري الاستصحاب بعده، وإذا اخذ ظرفا يجري بعده، لأن ذلك خروج عن محط البحث ومورد النقض والإبرام، وهذا خلط واقع من الشيخ الأعظم (2)، وتبعه غيره (3).