الأخبار ما يكون جامعا لشرائط الحجية، ودالا على حجية الخبر مطلقا (1).
(1) بل القدر المتيقن هو الاخبار بلا واسطة، مع كون الراوي من الفقهاء، أضراب زرارة ومحمد ابن مسلم وأبي بصير. ومعلوم أنه لم يصل إلينا خبر كذاني، حتى يتمسك به لإثبات الحجية المطلقة.
لكن هاهنا وجه أخر لإثبات حجية مطلق خبر الثقة: وهو أنه لا إشكال في بناء العقلاء في الجملة، فحينئذ إن ثبت بناؤهم في مقام الاحتجاج على العمل بمطلق خبر الثقة - كما هو الظاهر - فهو، وإلا فالقدر المتيقن من بنائهم هو العمل على الخبر العالي السند إذا كان جميع رواته مزكى بتزكية جمع من العدول، وفي الروايات ما يكون بهذا الوصف، مع دلالته على حجية مطلق خبر الثقة، كصحيحة أحمد بن إسحاق، حيث روى محمد بن يعقوب عن محمد بن عبد الله الحميري ومحمد بن يحيى جميعا عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن قال: (سألته، وقلت: من أعامل، وعمن آخذ، وقول من أقبل؟ فقال: العمري ثقتي، فما أدى إليك عني فعني يؤدي، وما قال لك عني فعني يقول، فاسمع له وأطع، فإنه الثقة المأمون) (أ)، ونحوه صحيحته الأخرى، وسندها مع علوه [فإن] رواتها من المشايخ العظام، ممن لاغمز في واحد منهم من أحد، فلا إشكال في بناء العقلاء على العمل بمثلها.
وبمقتضى تعليلها نتعدى إلى كل خبر ثقة مأمون. والإشكال - بأن من المحتمل أن لوثاقة مثل العمري وابنه دخالة في القبول، ولا يمكن التعدي إلى مطلق الثقة - مردود، فإن الظاهر من التعليل أن لزوم القبول إنما هو لأجل الوثاقة والمأمونية، لا وثاقة خاصة ومرتبة كاملة لها، كما أن المستفاد من قوله: " لا تشرب الخمر، لأنه مسكر " أن مجرد الإسكار كاف، لا إسكار خاص نحو إسكار الخمر.
وأمثال هذه الروايات وإن لم تدل على جعل الحجية (ب) أو تتميم الكشف كما يدعى (ج) لكن تدل على كون العمل بقول مطلق الثقة المأمون كان معروفا في تلك الأزمنة، وجائزا من قبل الشرع. [منه قدس سره].
(أ) الكافي 1: 329 - 330 / 1 باب في تسمية من رآه عليه السلام، الوسائل 18: 99 - 100 / 4 باب 11 من أبواب صفات القاضي.
(ب) الكفاية 2: 44.
(ج) فوائد الأصول 3: 17، 108.