أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج ٤ - الصفحة ٣٢٥
ليس تحت اختيار المكلف، فلا يصح النهي عنه. وعلى هذا بنى الشيخ الأعظم وصاحب الكفاية وغيرهما.
ولكن التدقيق في المسألة يعطي غير هذا، إنما يلزم هذا المحذور لو كان النهي عن نقض اليقين مرادا جديا، أما على ما ذكرناه: من أنه على وجه الكناية، فإنه - كما ذكرناه - يكون مرادا استعماليا فقط، ولا محذور في كون المراد الاستعمالي - في الكناية - محالا أو كاذبا في نفسه، إنما المحذور إذا كان المراد الجدي المكنى عنه كذلك.
وعليه، فحمل " النقض " على معناه الحقيقي أولى ما دام أن ذلك يصح بلا محذور.
النتيجة:
أنه إذا تمت هذه المقدمات فصح إسناد النقض الحقيقي من أجل وثاقته من جهة ما هو يقين - وإن كان النهي عنه يراد به لازم معناه على سبيل الكناية - فإنا نقول: إن اليقين لما كان في نفسه مبرما ومحكما فلا يحتاج في صحة إسناد النقض إليه إلى فرض أن يكون متعلقه مما له استعداد في ذاته للبقاء، وإنما يلزم ذلك لو كان الإسناد اللفظي إلى نفس المتيقن ولو على نحو المجاز. وأما كون أن المراد الجدي هو النهي عن ترك مقتضى اليقين الذي عبارة عن لزوم العمل بالمتيقن، فإن ذلك مراد لبي وليس فيه إسناد للنقض إلى المتيقن في مقام اللفظ حتى يكون ذلك قرينة لفظية على المراد من المتيقن. والسر في ذلك: أن الكناية لا يقدر فيها لفظ المكنى عنه، على أن المكنى عنه ليس هو حرمة نقض المتيقن، بل - كما تقدم - هو حرمة ترك مقتضى اليقين الذي هو عبارة عن لزوم
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة