أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج ٤ - الصفحة ٢٩٥
أقول: وهذا حكم العقل لا ينهض دليلا على الاستصحاب على ما سنشرحه. والظاهر أن القدماء القائلين بحجيته لم يكن عندهم دليل عليه غير هذا الدليل، كما يظهر جليا من تعريف العضدي - المتقدم - إذ أخذ فيه نفس حكم العقل هذا. ولعله لأجل هذا أنكره من أنكره من قدماء أصحابنا، إذ لم يتنبهوا إلى أدلته الأخرى على ما يظهر، فإنه أول من تمسك ببناء العقلاء العلامة الحلي في النهاية (1) وأول من تمسك بالأخبار الشيخ عبد الصمد والد الشيخ البهائي (2) وتبعه صاحب الذخيرة (3) وشارح الدروس (4) وشاع بين من تأخر عنهم. كما حقق ذلك الشيخ الأنصاري في رسائله في الأمر الأول من مقدمات الاستصحاب. ثم قال: نعم ربما يظهر من الحلي في السرائر الاعتماد على هذه الأخبار، حيث عبر عن استصحاب نجاسة الماء المتغير بعد زوال تغيره من قبل نفسه بنقض اليقين باليقين (5). وهذه العبارة ظاهرة أنها مأخوذة من الأخبار.
وعلى كل حال، فهذا الدليل العقلي فيه مجال للمناقشة من وجهين:
الأول: في أصل الملازمة العقلية المدعاة. ويكفي في تكذيبها الوجدان، فإنا نجد أن كثيرا ما يحصل العلم بالحالة السابقة ولا يحصل الظن ببقائها عند الشك لمجرد ثبوتها سابقا.
الثاني: - على تقدير تسليم هذه الملازمة - فإن أقصى ما يثبت بها حصول الظن بالبقاء، وهذا الظن لا يثبت به حكم الشرع إلا بضميمة دليل آخر يدل على حجية هذا الظن بالخصوص ليستثنى مما دل على حرمة

(١) نهاية الوصول: الورقة ١٩٨.
(٢) العقد الطهماسبي، مخطوط.
(٣) ذخيرة المعاد: ص ٤٣ - ٤٤.
(٤) مشارق الشموس: ص ٧٦ و ١٤١.
(٥) السرائر: ج ١ ص ٦٢.
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة