أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج ٤ - الصفحة ٢٧٧
وإلى تعريف القاعدة نظر من عرف الاستصحاب بأنه " إبقاء ما كان " فإن القاعدة في الحقيقة معناها إبقاؤه حكما. وكذلك من عرفه بأنه " الحكم ببقاء ما كان " ولذا قال الشيخ الأنصاري عن ذلك التعريف:
" والمراد بالإبقاء: الحكم بالبقاء " بعد أن قال: إنه أسد التعاريف وأخصرها (1).
ولقد أحسن وأجاد في تفسير " الإبقاء " بالحكم بالبقاء، ليدلنا على أن المراد من " الإبقاء " الإبقاء حكما الذي هو القاعدة، لا الإبقاء عملا الذي هو فعل العامل بها.
وقد اعترض على هذا التعريف الذي استحسنه الشيخ بعدة أمور نذكر أهمها ونجيب عنها:
منها: لا جامع للاستصحاب بحسب المشارب فيه من جهة المباني الثلاثة الآتية في حجيته، وهي: الأخبار، وبناء العقلاء، وحكم العقل.
فلا يصح أن يعبر عنه بالإبقاء على جميع هذه المباني. وذلك لأن المراد منه إن كان " الإبقاء العملي من المكلف " فليس بهذا المعنى موردا لحكم العقل، لأن المراد من حكم العقل هنا إذعانه - كما سيأتي - وإذعانه إنما هو ببقاء الحكم لا بإبقائه العملي من المكلف. وإن كان المراد منه " الإبقاء غير المنسوب إلى المكلف " فمن الواضح أنه لا جهة جامعة بين الإلزام الشرعي الذي هو متعلق بالإبقاء وبين البناء العقلائي والإدراك العقلي.
والجواب يظهر مما سبق، فإن المراد من " الاستصحاب " هو القاعدة في العمل المجعولة من قبل الشارع، وهي قاعدة واحدة في معناها على

(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة