منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ٢ - الصفحة ١٣
في الرتبة المتأخرة عن القطع فلا يلزم لا اجتماع المثلين ولا اجتماع الضدين لاختلاف موضوع الحكمين ورتبتهما.
ولكن - يمكن أن يقال أن الحكم الثاني - الذي هو مثل الأول المقطوع أو ضده - ولولا يسرى إلى رتبة الأول وموضوعه، لكن حكم الأول محفوظ في رتبة الثاني بنتيجة الاطلاق، لما ثبت في محله، من اشتراك الاحكام بين العالمين والجاهلين ولذلك يعاقب الجاهل المقصر، وإلا لا وجه لعقابه أصلا.
واحتمال أن يكون العقاب لأجل ترك التعلم - الذي هو واجب نفسي - في غاية البعد لان السؤال الأول الذي يتوجه إليه يوم الحساب أنه لم ما عملت، فإذا يجيب بما علمت، يقال له هلا تعلمت؟ هذا مع أنه لا يمكن الاهمال في المصلحة أو الملاك ولا في الحكم الواقعي الذي يتبع الملاك تبعية المعلول لعلته. وحينئذ فإذا لم يكن مطلقا بنتيجة الاطلاق لا بد وأن يكون مقيدا بنتيجة التقييد، ولا معنى لان يكون مقيدا بالجهل، فلا بد وأن يكون مقيدا بالعلم، فيلزم اجتماع المثلين أو الضدين في الفرضين.
ثم إن ما ذكرنا - من عدم إمكان أخذ القطع والعلم في موضوع نفس الحكم الذي هو متعلقه للزوم مفسدة الدور - يكون بالنسبة إلى الاطلاق اللحاظي أي الاطلاق الثابت بمقدمات الحكمة. وأما أخذه بنتيجة الاطلاق.
أو بنتيجة التقييد فلا مانع منه ولا يلزم منه محذور (بيان ذلك) أما بالنسبة إلى الاطلاق والتقييد اللحاظيين فلا يمكنان. من جهة ان التقابل بين الاطلاق والتقييد - كما بينا في مبحث المطلق والمقيد - تقابل العدم والملكة، فإذا جاء الدليل على امتناع التقييد فنفس ذلك الدليل دليل على امتناع الاطلاق لأن المفروض أن الاطلاق عبارة عن عدم التقييد في موضوع قابل للتقييد، فلو فرضنا عدم قابليته للتقييد وامتناعه، فكما أنه لا يمكن التقييد وممتنع حسب الفرض كذلك يمتنع الاطلاق، ومعلوم أن في ما نحن فيه يمتنع
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»