التكليف - وهو لا تختر شرب ما أحرزت أنه خمر، وهذا المعنى كما ترى موجود في المتجرى.
ولعله إلى ذلك يرجع ما أفاده الشيخ (قده) من الوجه العقلي في استحقاق المتجرى للعقاب، من قوله " وقد يقرر دلالة العقل على ذلك بأنا إذا فرضنا شخصين قاطعين الخ " فإنه يمكن أن يكون (قده) في مقام بيان اندراج المتجرى تحت الخطابات الأولية، كما أنه يمكن أن يكون في مقام بيان كون المتجرى عاصيا حكما وإن لم يكن عاصيا حقيقة - على ما سيأتي في الجهة الثالثة -.
وعلى كل حال: ترجع هذه الدعوى إلى أن متعلق التكليف هو القدر الجامع بين مصادفة القطع للواقع ومخالفته، بعد ما كانت المصادفة والمخالفة غير اختيارية، والقدر الجامع ليس إلا تحريك العضلات نحو ما أحرز أنه خمر واختيار شرب ذلك، فيكون المتجرى عاصيا حقيقة ومخالفا للخطاب النفس الأمري.
وحاصل هذه الدعوى تتركب من مقدمتين:
الأولى: دعوى أن متعلق التكليف هو الانبعاث وحركة الإرادة و الاختيار نحو ما أحرز أنه من مصاديق الموضوع الذي تعلق به التكليف الواقعي.
الثانية: دعوى أن الاحراز والعلم يكون موضوعا على وجه الصفتية بمعنى الاختيار والإرادة، وإن كان طريقا بالنسبة إلى الموضوع. ولا يخفى عليك ما في كلتي المقدمتين من المنع.
أما في الأولى:
فلأن المتعلق هو الفعل الصادر عن إرادة واختيار لا نفس الإرادة والاختيار، فان الإرادة والاختيار تكون مغفولة عنها حين الفعل ولا يلتفت الفاعل إليها، فلا يصلح لأن يتعلق التكليف بها، فإذا كان متعلق التكليف هو الشرب المتعلق بالخمر الصادر عن إرادة واختيار فالمتجري لم يتعلق شربه بالخمر.
وأما في الثانية: فلأن الإرادة وإن كانت تنبعث عن العلم، لكن لا