مقالات الأصول - آقا ضياء العراقي - ج ١ - الصفحة ١٧٦
عدمه في المضارع مجرد سبق الوجود، وكونه زمانيا أو دهريا أو ذاتيا انما هو من لوازم المبادئ الزمانية أو غيرها، لا ان السبق المأخوذ فيه هو الجامع بين السبق الزماني وغيره فضلا عن خصوصه، كيف، وقد عرفت أن جهة [ظرفية] الزمان والدهر [ملغاة من] المدلول رأسا حتى بجامعها.
ومن هذا البيان ظهر أيضا ان الأفعال المنسوبة إلى الباري حتى المتعلق بالزمانيات لا يحتاج إلى التصرف في مدلولها لأن حيثية السبق الوجودي [المأخوذة] في [الفعل] الماضي محضا [مأخوذة] فيها أيضا فضلا عن ارجاعها أيضا إلى السبق الزماني بملاحظة معيتها مع الزمان بمعية قيومية كما توهم.
ثم إن بين النسبة المأخوذة في الأفعال مع النسبة في الأوصاف [فرقا] آخر وهو أن نسبة الأفعال نسبة ايقاعية كسائر [نسب] الجمل التصديقية من الحملية وغيرها، ونسبة الأوصاف نسبة وقوعية. فهيئة الأفعال تدل على ايقاع الربط بين الشيئين وهيئة الأوصاف تدل على [وقوعه]، فمرجع الأول إلى اثبات النسبة الذي هو شأن كل نسبة تصديقية ومرجع الثاني إلى نسبة ثابتة، ومن تبعات هذه التفرقة كون الأول بحسب الرتبة مقدما على الثاني لحكم الوجدان بتأخر ثبوت النسبة عن [اثباتها]. وحينئذ ربما يكون ذلك سبب تأخر مفاد الأوصاف عن الأفعال ويقال: ان الوصف مشتق عن الفعل. وربما يشير إلى تلك الجهة أيضا قولهم ب‍ " أن الأوصاف قبل العلم بها أخبار والاخبار بعد العلم أوصاف ". ولقد أشرنا إلى ذلك كله سابقا (1).

(١) حاصل ما ذكره قدس سره حول الفرق بين معاني الأفعال والأسماء ثلاثة أمور:
الأول: أن النسبة الموجودة في الأفعال هي نسبة الإضافة بين المنفصلين في مرحلة المفهوم، وأما في الأسماء فالنسبة نسبة الربط الاتصالي بين المتحدين في مرحلة المفهوم فالفرق بين (جاء زيد) و (زيد الجائي) أن الأول لا يفترض فيه الاتحاد في مرحلة المفهوم بخلاف الثاني إذ يفترض فيه الاتحاد في عالم الذهن.
وبهذا اللحاظ أصبحت الأفعال أشبه بالحروف من الأوصاف لأن الأفعال متمحضة في النسبة بين الشيئين واما الأوصاف فالنسبة فيها نسبة الاتحاد فتكون بهذا الاعتبار أشبه بالأسماء ولهذا بنيت الأفعال لشبهها بالحروف وأصبحت الأوصاف معربة لشبهها بالأسماء.
وأما المصادر مثل (مجئ زيد) فقد أعربت أيضا لشبهها بالأسماء من جهة أن الملحوظ فيها ذات الفعل الصادر وإن كانت متضمنة للنسبة إلى الفاعل غير أن هذه النسبة لكونها نسبة الإيجاد فهي متحدة مع وجود الفعل فتكون من هذه الناحية مشبهة بالأسماء أيضا.
الثاني: أن عالم النسب المأخوذة في الأفعال هو عالم الذهن وعالم النسبة المأخوذة في الأسماء هو عالم الخارج. فمثلا: حينما نقول: (زيد الجائي) فإن النسبة المعبر عنها في هذا الكلام هو اتصاف زيد بالمجئ في الواقع وهذه النسبة تنطبق على اتصاف زيد بالمجئ خارجا.
أما إذا قلنا: (جاء زيد) فقد أوجدنا نسبة بين المجئ وزيد، ومن الطبيعي أن الذي أوجدناه ليس هو الأمر الخارجي بل هو الربط الذهني بين المجئ وزيد، ولهذا فعالم هذه النسبة هو الذهن وليس لها نسبة خارجية توازيها. ولهذا أشبهت التصديق والإرادة من جهة كون عالم عروضهما هو النفس وليس لهما ما يوازيهما خارجا.
وهنالك شبه آخر بين التصديق وبين النسبة المأخوذة في الأفعال وهو كون التصديق ذا طبيعة حكائية عن الخارج وإن كان بنفسه أمرا نفسيا، وكذلك الأمر في النسب المأخوذة في الأفعال فإنها ذات طبيعة حكائية عن الخارج، وكأن المبدأ فيها يؤخذ مفروض التحقق والوجود، فلو قلنا: (جاء زيد) كان المجئ مفترض الوجود وإن كنا عالمين بكذب هذه القضية، لأن القضية ذاتها تقتضي أن يكون المبدأ مفترض الوجود.
ومن هنا نعرف السر في انطواء الأفعال على معنى الزمان فإن ذلك ليس من جهة كون الزمان عنصرا مأخوذا في مدلول الفعل وإنما طبيعة كون المبدأ في النسبة الفعلية مفترض الوجود يقتضي الوقوع في أحد الأزمنة إذا كان المبدأ زمانيا.
الثالث: أن النسبة المأخوذة في الأفعال نسبة ايقاعية والنسبة المأخوذة في الأوصاف نسبة وقوعية بمعنى أننا حين نقول: (جاء زيد) فهيئة الفعل تدل على إيقاع النسبة بين المجئ وزيد. وهيئة الجائي في (زيد الجائي) تدل على وقوع النسبة بين زيد والمجئ، ولهذا كانت الأفعال متقدمة في الرتبة على الأوصاف لتقدم الإيقاع رتبة على الوقوع. وعلى هذا يتضح معنى قولهم: الأوصاف قبل العلم بها أخبار والأخبار بعد العلم بها أوصاف، فإن الإخبار إيقاع للنسبة فإذا قال المخبر: جاء زيد وعلمنا بهذا الإخبار كان الناتج من هذا الإيقاع (والإخبار) هو علمنا بوقوع النسبة أي علمنا بأن زيدا متصف بالمجئ فيكون الموجود في ظرف علمنا (زيد الجائي).
ثم إن علمنا هذا بالوصف إذا قسناه بشخص آخر لم يعلم بعد بهذا الوصف فهو خبر بالقياس إليه فإن علم به كما علمنا أصبح وصفا بالنسبة إليه أيضا.
(١٧٦)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 171 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المجمع 9
2 كلمة المجمع 9
3 حياة المحقق العراقي قدس سره نشأته العلمية 15
4 حياة المحقق العراقي قدس سره نشأته العلمية 15
5 أخلاقه 18
6 مواهبه العقلية 18
7 أخلاقه 18
8 مواهبه العقلية 18
9 تلاميذه 20
10 تلاميذه 20
11 آثاره العلمية 24
12 آثاره العلمية 24
13 وفاته 25
14 وفاته 25
15 المقالة الأولى: ما يتعلق بالعلم موضوعا وغاية وتعريفا 31
16 المقالة الأولى: ما يتعلق بالعلم موضوعا وغاية وتعريفا 31
17 موضوع علم الأصول 52
18 موضوع علم الأصول 52
19 غرض مسائل علم الأصول 53
20 غرض مسائل علم الأصول 53
21 المقالة الثانية: حقيقة الوضع 59
22 المقالة الثانية: حقيقة الوضع 59
23 المقالة الثالثة: أقسام الوضع 71
24 المقالة الثالثة: أقسام الوضع 71
25 المقالة الرابعة: المعاني الحرفية 83
26 المقالة الرابعة: المعاني الحرفية 83
27 المقالة الخامسة: وضع المركبات 109
28 المقالة الخامسة: وضع المركبات 109
29 المقالة السادسة: علامات الحقيقة والمجاز 113
30 المقالة السادسة: علامات الحقيقة والمجاز 113
31 المقالة السابعة: حقيقة الدلالة وأقسامها 119
32 المقالة السابعة: حقيقة الدلالة وأقسامها 119
33 المقالة الثامنة: تعارض الأحوال 125
34 المقالة الثامنة: تعارض الأحوال 125
35 المقالة التاسعة: الحقيقة الشرعية 131
36 المقالة التاسعة: الحقيقة الشرعية 131
37 المقالة العاشرة: الصحيح والأعم 137
38 المقالة العاشرة: الصحيح والأعم 137
39 المقالة الحادية عشرة: استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى 159
40 المقالة الحادية عشرة: استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى 159
41 المقالة الثانية عشرة: المشتق 173
42 المقالة الثانية عشرة: المشتق 173
43 التنبيه الأول: حقيقة المشتق 188
44 التنبيه الأول: حقيقة المشتق 188
45 التنبيه الثاني: هل الذات مأخوذة في مدلول المشتق 195
46 التنبيه الثاني: هل الذات مأخوذة في مدلول المشتق 195
47 التنبيه الثالث: في أحكام الأوصاف 200
48 التنبيه الثالث: في أحكام الأوصاف 200
49 المقالة الثالثة عشر: شرح مادة الأمر 205
50 المقالة الثالثة عشر: شرح مادة الأمر 205
51 الطلب والإرادة 209
52 الطلب والإرادة 209
53 المقالة الرابعة عشر: وضع صيغة الأمر 221
54 المقالة الرابعة عشر: وضع صيغة الأمر 221
55 المقالة الخامسة عشر: إطلاق الأمر أو الخطاب يقتضي التوصلية؟ 229
56 المقالة الخامسة عشر: إطلاق الأمر أو الخطاب يقتضي التوصلية؟ 229
57 المقالة السادسة عشر: المرة والتكرار 249
58 المقالة السادسة عشر: المرة والتكرار 249
59 المقالة السابعة عشر: الفور والتراخي؟ 257
60 المقالة السابعة عشر: الفور والتراخي؟ 257
61 المقالة الثامنة عشر: الإجزاء 261
62 المقالة الثامنة عشر: الإجزاء 261
63 المقام الأول: إجزاء كل أمر عن نفسه 263
64 المقام الأول: إجزاء كل أمر عن نفسه 263
65 المقام الثاني: اقتضاء الأوامر الإضطرارية الإجزاء عن الاختيارية 268
66 المقام الثاني: اقتضاء الأوامر الإضطرارية الإجزاء عن الاختيارية 268
67 المقام الثالث: اقتضاء الأوامر الظاهرية الإجزاء عن الواقعية 280
68 المقام الثالث: اقتضاء الأوامر الظاهرية الإجزاء عن الواقعية 280
69 المقالة التاسعة عشر: مقدمة الواجب 289
70 المقالة التاسعة عشر: مقدمة الواجب 289
71 المقدمة العقلية والشرعية والعادية 298
72 المقدمة العقلية والشرعية والعادية 298
73 المقتضي والشرط وعدم المانع والمعد 299
74 المقتضي والشرط وعدم المانع والمعد 299
75 مقدمة الوجوب ومقدمة الواجب 308
76 مقدمة الوجوب ومقدمة الواجب 308
77 الوجوب المطلق والمشروط 309
78 الوجوب المطلق والمشروط 309
79 الوجوب النفسي والغيري 322
80 الوجوب النفسي والغيري 322
81 خاتمة: ثمرة مسألة وجوب المقدمة 334
82 خاتمة: ثمرة مسألة وجوب المقدمة 334
83 المقالة العشرون: الأمر بالشيء هل يقضي النهي عن ضده 339
84 المقالة العشرون: الأمر بالشيء هل يقضي النهي عن ضده 339
85 المقالة الواحدة والعشرون: شرح مفاد النهي 347
86 المقالة الواحدة والعشرون: شرح مفاد النهي 347
87 المقالة الثانية والعشرون: اجتماع الأمر والنهي 353
88 المقالة الثانية والعشرون: اجتماع الأمر والنهي 353
89 المقام الأول: في كبرى سراية الحكم من الطبيعي إلى الفرد 356
90 المقام الأول: في كبرى سراية الحكم من الطبيعي إلى الفرد 356
91 المقام الثاني: في صغرى سراية الحكم من الطبيعي إلى الفرد 360
92 المقام الثاني: في صغرى سراية الحكم من الطبيعي إلى الفرد 360
93 تنبيهات 365
94 تنبيهات 365
95 المقالة الثالثة والعشرون: النهي هل يقتضي الفساد؟ 383
96 المقالة الثالثة والعشرون: النهي هل يقتضي الفساد؟ 383
97 المقالة الرابعة والعشرون: المفهوم والمنطوق 395
98 المقالة الرابعة والعشرون: المفهوم والمنطوق 395
99 المقالة الخامسة والعشرون: مفهوم الشرط 405
100 المقالة الخامسة والعشرون: مفهوم الشرط 405
101 المقالة السادسة والعشرون: مفهوم الوصف 411
102 المقالة السادسة والعشرون: مفهوم الوصف 411
103 المقالة السابعة والعشرون: مفهوم الغاية 415
104 المقالة السابعة والعشرون: مفهوم الغاية 415
105 المقالة الثامنة والعشرون: مفهوم الحصر 421
106 المقالة الثامنة والعشرون: مفهوم الحصر 421
107 المقالة التاسعة والعشرون: مفهوم العدد 425
108 المقالة التاسعة والعشرون: مفهوم العدد 425
109 المقالة الثلاثون: العموم والخصوص 429
110 المقالة الثلاثون: العموم والخصوص 429
111 المقالة الواحدة والثلاثون: حجية العام المخصص 437
112 المقالة الواحدة والثلاثون: حجية العام المخصص 437
113 المقالة الثانية والثلاثون: التمسك بالعام لتعيين مشكوك المصداقية 449
114 المقالة الثانية والثلاثون: التمسك بالعام لتعيين مشكوك المصداقية 449
115 المقالة الثالثة والثلاثون: عدم حجية الأصول الحكمية قبل الفحص 455
116 المقالة الثالثة والثلاثون: عدم حجية الأصول الحكمية قبل الفحص 455
117 المقالة الرابعة والثلاثون: شمول الخطابات الشفاهية للغائبين والمعدومين 459
118 المقالة الرابعة والثلاثون: شمول الخطابات الشفاهية للغائبين والمعدومين 459
119 المقالة الخامسة والثلاثون: تعقب العام ضمير يرجع إلى بعض أفراده 467
120 المقالة الخامسة والثلاثون: تعقب العام ضمير يرجع إلى بعض أفراده 467
121 المقالة السادسة والثلاثون: تخصيص العام بالمفهوم 471
122 المقالة السادسة والثلاثون: تخصيص العام بالمفهوم 471
123 المقالة السابعة والثلاثون: تعقب الاستثناء للجمل المتعددة 475
124 المقالة السابعة والثلاثون: تعقب الاستثناء للجمل المتعددة 475
125 المقالة الثامنة والثلاثون: الدوران بين تخصيص العام ونسخه 481
126 المقالة الثامنة والثلاثون: الدوران بين تخصيص العام ونسخه 481
127 المقالة التاسعة والثلاثون: المطلق والمقيد 491
128 المقالة التاسعة والثلاثون: المطلق والمقيد 491
129 مقدمات الحكمة 500
130 مقدمات الحكمة 500
131 المقالة الأربعون: أقسام المطلق والمقيد 513
132 المقالة الأربعون: أقسام المطلق والمقيد 513
133 خاتمة: في المجمل والمبين 519
134 خاتمة: في المجمل والمبين 519