الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ٣١١
كتاب التهذيب مثلا أو كتاب غير معين مع ضبطه بعنوان معين كقوله أجزت لك أن تروي ما صح عندك روايتي له من الكتب كذلك قد يكون لشخص معين كما مر وقد يكون لغير معين كما لو قال أجزت لمن استجمع هذه الشروط بأن يروي عني فاتضح أن أنواع الإجازة أربعة إجازة معين أو غير معين لمعين أو غير معين وكما يصح إجازة الموجود الكامل كذلك يجوز إجازة غيره كالصغير و المعدوم منفردا ومنضما ويعتبر في إجازة غير المشافه بلوغها إليه بطريق العلم أو بخبر من يعتبر خبره ولا بد له حينئذ من التنبيه على ذلك وليس له أن يقول أخبرني إجازة لدلالته على المشافهة و فائدة الإجازة إنما يظهر في الاعتماد على الأصل حيث لا يثبت بطريق التواتر وإلا فلا فائدة لها سوى مجرد المحافظة على اتصال السند للتيمن ومن هذا الباب إجازات أصحابنا المتأخرين عن المشايخ الثلاثة لكتبهم المعروفة كالكافي والفقيه والتهذيبين ومنها المناولة وهي أن يتناول الكتاب ويقول هذا سماعي أو روايتي عن فلان أو عمن ذكرت أسماءهم في الكتاب فإن انضم إليها الإجازة فلا كلام في القبول وإلا ففي القبول قولان والمحكي عن الأكثر المنع والقول بالقبول أوجه إذ العبرة بالنقل لا بالرخصة ومنها المكاتبة وهي أن يكتب مسموعه ويرسل به إلى غيره ولا بد من علمه بأنه خطه أو خبر من يقوم مقامه فإن انضم إليه الإجازة فلا إشكال في القبول وإلا ففيه قولان وحكي عن الأكثر هنا القبول وهو ينافي ما حكي عنهم في الصورة السابقة من عدم القبول إذ لا فرق بينهما إلا في السماع والكتابة ولا ريب أن السماع أقوى وعبارته أن يقول أخبرنا أو حدثنا مكاتبة ومنها الوجادة وهي وجدان أحاديث بخط من يرويها معاصرا كان أو لا والظاهر جواز الاعتماد عليها مع انضمام القرائن الحالية الدالة على إرادة الرواية فصل كما لا يكفي عندنا في حجية الرواية مجرد وجودها في الكتب الأربعة ما لم تشتمل على شرائط القبول وسيأتي تحقيق ذلك في مبحث الاجتهاد كذلك لا يقدح في حجيتها عند اشتمالها على شرائط القبول خلو تلك الكتب عنها إذا وجدت في كتاب معلوم النسبة إلى مؤلفه كالعيون والخصال فإن الأدلة التي تمسكنا بها على حجية خبر الواحد لا تقتضي حجية خصوص ما يوجد منه في الكتب الأربعة وطريقة الأصحاب جارية على العمل بها وبغيرها كما يظهر بتصفح كتبهم وإن كان العمل بها بغيرها قليلا لقلة ما يشتمل عليه من الاخبار المتعلقة بأحكام الفروع والسبب في اشتهار الكتب الأربعة بين الأصحاب بعد ما اتضح واستبان من جلالة مصنفيها وعظم قدرهم بيننا إحاطة كتبهم بمعظم الاخبار المتعلقة بالفروع بل الأصول أيضا مع حسن ترتيبها وجمعها للاخبار المتعلقة بكل كتاب أو باب فيه غالبا بحيث يسهل على الطالب المراجعة إليها في محل الحاجة ولهذا تركوا مراجعة الأصول والرسائل المشتملة على الاخبار حتى اضمحلت و اندرست بل تركوا غالبا مراجعة غيرها من الكتب المعروفة لصعوبة الوقوف فيها على الاخبار المتعلقة بمحل الحاجة ليعرفها في أبواب تلك الكتب من حيث وضعها لبيان مقاصد أخر مع ندرة ما فيها من الأخبار المعتبرة المتعلقة بالفروع الخارجة مما أحاط به تلك الكتب و ليس في تلك الأخبار في الكتب الأربعة دلالة على شهادتهم بعدم التعويل عليها إذ لم يظهر من أربابها قصد الإحاطة لجميع ما يعتمد عليه من الاخبار فيها لتعذرها عادة وللزوم تعارض شهاداتهم فيما لا يجمعون على نقله مع أن ذلك على تقدير ثبوته مبني على اجتهادهم وليس وظيفة غيرهم تقليدهم فيه بل الظاهر أنهم إنما جمعوا ما تيسر لهم عند التأليف جمعه أو تعلق به غرضهم ولم يقصدوا بذلك نفي الاعتداد بما عداها وأما الكتب المهجورة التي لم تشتهر انتسابها إلى الإمام عليه السلام ولا إلى مؤلف معول عليه فلا يجوز التعويل عليها ما لم يعاضدها معاضد بحيث يوجب الوثوق بها فمن جملة هذه الكتب كتاب الفقه المنسوب إلى الرضا عليه السلام وقد اعتمد عليه جماعة من متأخري المتأخرين وهو كتاب ظهر في زمن المولى التقي المجلسي رحمه الله وأول من اطلع عليه واستحسنه القاضي أمير حسين بن حيدر وهو ابن بنت المحقق الكركي قال جاء في بعض سني مجاورتي لبيت الله الحرام جماعة من أهل قم حاجين ومعهم كتاب قديم كتب في زمن أبي الحسن الرضا عليه السلام وكان في موضع منه خطه عليه السلام وكان على ذلك إجازة جماعة كثيرة من الفضلاء بحيث حصل لي العلم العادي بأنه تأليفه عليه السلام فاستنسخته وقابلته ثم إنه جاء بالنسخة إلى أصبهان وعرضها على المجلسي وأخبره بالحال وفي بعض عبارات الكتاب ما يدل على أنه تأليفه عليه السلام ففي أوله يقول عبد الله علي بن موسى الرضا عليه السلام أما بعد فإن أول ما افترض الله على عباده وأوجب على خلقه معرفة الوحدانية إلخ وفي باب الأغسال ليلة تسعة عشرة من شهر رمضان الليلة التي ضرب فيها جدنا أمير المؤمنين عليه السلام و في باب غسل الميت روى أبي عن أبي عبد الله عليه السلام وفي كتاب الزكاة أني أروي عن أبي العالم وفي باب الربا بعد ذكر حديث اللؤلؤ وقد أمرني أبي ففعلت وفي موضع آخر ومما نداوم به نحن معاشر أهل البيت وذكر في باب الغنائم والخمس بعد ذكر قوله تعالى واعلموا أنما غنمتم الآية فتطول علينا بذلك امتنانا منه ورحمة ويدل على ذلك أيضا أن كثيرا من فتاوى الصدوقين مطابقة له في اللفظ وموافقة له في العبارة لا سيما عبارة الشرائع وأن جملة من روايات الفقيه التي ترك فيها الاسناد موجودة في الكتاب ومثله مقنعة المفيد فيظن بذلك أن الكتاب المذكور كان عندهم وأنهم كانوا يعولون عليه ويستندون إليه مع ما استبان من طريقة الصدوقين من الاقتصار على متون الاخبار ويراد لفظها في مقام بيان الفتوى و لهذا عد الصدوق رسالة والده إليه من الكتب التي عليها المعول
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»