الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ١٦٨
الماهية من حيث هي أي من غير اعتبار أمر زائد عليها إنما هي بالنسبة إلى لفظ الجنس بمعنى الايراد منه ما يزيد على الماهية وإرادتها لا من حيث هي بمعنى إرادتها مع اعتبار أمر زائد عليها من كونها في ضمن فرد معين ونحوه إنما هي بالنسبة إلى ما لحقه من اللام إذ يستفاد منها الاعتبار اللاحق للجنس وكذا الكلام في سائر اللواحق فلا منافاة الثالث الفرق بين الاطلاق والاستعمال أن الاستعمال يطلق على ما هو مقصود من اللفظ لذاته بخصوصه والاطلاق يستعمل في الأعم من ذلك و لهذا يقال إطلاق الكلي على الفرد على قسمين ولا يقال استعماله فيه إلا تسامحا فالنسبة بينهما عموم مطلق وربما توهم بعضهم أن الاطلاق يختص بما لا يكون مقصودا لذاته فيتباينان وهو بعيد جدا و الأظهر أنهما مترادفان أو متساويان وإن كان الغالب استعمالهما على النهج المذكور الرابع يفترق اسم الجنس على ما اخترناه افتراق الاسم عن المسمى وعن المعرف بلامه وعلمه لفظا بالتنكير والتعريف ومعنى بما عرف من اعتبار تعين الجنس فيهما دونه وهذان يتفارقان بأن التعريف في المعرف عارضي بدخول أداته وفي علمه أصلي معتبر في وضع الكلمة وقد مر الإشارة إلى ذلك وافتراق هذه الأقسام عن العهد بأقسامه وعن الاستغراق وافتراق بعضها عن بعض ظاهر مما مر و يفترق الجمع عن اسم الجمع من حيث إن الجمع يدل على الماهية بمادته على وصف الجمعية بهيئته وأداته إن كان مصححا أو مطلقا بناء على ثبوت الوضع لمادة المكسر واسم الجمع يدل عليهما بجوهره سواء لم يكن له مفرد من لفظه كقوم ونسأ أو كان ولكن لم يعتبر في وضعه كصحب وركب بدليل أن الجمعية يفهم منها من نفس اللفظ دون الهيئة لكونها كهيئة المفردات وأما الفرق بينه وبين الجمع المكسر على ما نختاره فيه من وحدة الوضع كما مر في المشتق فيمكن كون وضع الجمع نوعيا بخلاف اسمه وقد يفرق بأن الجمع ما دل على آحاد مجتمعة واسم الجمع ما دل على مجموع الآحاد وهو وهم وافتراقهما عن الجنس واسمه واضح والجنس والكلي الطبيعي متساويان وهو ظاهر وزعم بعض المعاصرين أن بينهما عموما مطلقا وعلله بأن كل جنس لا يكون كليا طبيعيا لان الكلي الطبيعي معروض لمفهوم الكلي ونفس الكلي جنس فالجنس أعم مطلقا هذا لفظه وهو كما ترى يدل على أن مورد التفارق في نفس الكلي أقول إن أراد بنفس الكلي نفس مفهومه كما هو الظاهر من كلامه ففساده ظاهر لان مفهوم الكلي كلي طبيعي قطعا لأنه معروض للكلي المنطقي حيث يصلح للصدق على جزئيات مفهومه ككلية الانسان و كلية الحيوان وغير ذلك والكلي الطبيعي كما يكون أمرا حقيقيا كذلك يكون أمرا اعتباريا والشي كما يجوز أن يتصف بمفهوم نقيضه كالسلب المطلق فإنه يتصف بالثبوت الذهني أو ما يضاده كمفهوم الجزئي فإنه يتصف بمفهوم الكلي كذلك يجوز أن يتصف بمفهوم نفسه كمفهوم الكلي والوجود والشي والموجود والواحد ونحو ذلك لا يقال فيلزم أن يكون الشئ أعم من نفسه لأنا نقول الأعمية بحسب الصدق لا فساد فيها وبحسب الحقيقة غير لازمة و إن أراد أن معرض الكلي المنطقي باعتبار كونه كليا منطقيا أي باعتبار صدقه على كثيرين جنس وليس بذلك الاعتبار كليا طبيعيا بل باعتبار كونه صالحا لان يتصف بالكلية المنطقية إذا وجد في الذهن و هو بهذا الاعتبار أيضا جنس فهذا مع بعده عن ظاهر كلامه مدفوع بأنه إن أراد الماهية المقيدة بذلك الاعتبار فلا ريب في صدقه عليها وإن أرادها مع القيد فلا نسلم أن الماهية بهذا الاعتبار يسمى جنسا الخامس جعل الفاضل المعاصر المعرف باللام المستعمل في العهد الذهني حقيقة باعتبار وضع المدخول مجازا باعتبار وضع المعرف ورد على من جعل المعرف حقيقة فيه وعده من باب إطلاق الكلي على الفرد لا من حيث الخصوصية بأن المعرف بلام الجنس معناه الماهية المتعينة في الذهن المعراة عن ملاحظة الافراد وإطلاقه على الفرد خروج عن معناه الحقيقي فإن أخذ الماهية معراة عن ملاحظة الافراد وإن لم يستلزم ملاحظة عدمها في الافراد حتى ينافي تحققها في الافراد لكنه ينافي اعتبار وجودها فيها وبأنه لا مدخل للام في دلالة لفظ الكلي على فرده فيلزم إلغاء اللام وبأنه لا معنى لوجود الكلي في ضمن فرد ما إذ لا وجود له وإنما الكلي موجود في ضمن فرد معين وبأن المعرف موضوع للماهية في حال عدم ملاحظة الافراد ولم يثبت رخصة استعماله في حال ملاحظتها ثم أورد على نفسه بأن ذلك يتجه بالنسبة إلى المدخول أيضا وأجاب بأن ما ذكره من كونه حقيقة في الفرد إنما هو باعتبار الحمل دون الاطلاق وهو غير متصور في العهد الذهني لعدم صحة حمل الطبيعة على فرد ما إذ فرد ما لا وجود له حتى يتحقق الطبيعة في ضمنه وإنما الموجود مصداقه وتفصى عن النقض بإطلاق النكرة كرجل في جئني برجل بأنها موضوعة بالوضع النوعي من حيث التركيب مع التنوين بإزاء فرد ما وهو أيضا كلي فيكون طلبه طلبا للكلي لا للفرد ولا للكلي في ضمن الفرد حتى إنه لو أريد به في المثال المذكور ذلك أعني الطبيعة الموجودة في ضمن الفرد كان مجازا لعدم وجودها بالفعل اللازم لصحة الاطلاق بالفعل وأما رجل في نحو جاء رجل فحقيقة سواء أريد به النكرة أو الجنس لأنه أطلق على الطبيعة الموجودة ثم تعجب من القوم حيث أخرجوا العهد الخارجي عن حقيقة الجنس مع أنه أولى بالدخول قال و لعلهم توهموا أنه لما أطلق هنا وأريد به الفرد بخصوصه فهو مجاز ثم أفسد هذا الوهم بأن ليس ذلك معنى إرادة الخصوصية فإن المشار إليه في قولنا هذا الرجل هو الماهية الموجودة في الفرد لا أن المراد أن المشار إليه هو هذا الكلي لا غير حتى يكون مجازا وزعم أن من جعل العهد الذهني من أقسام المعرف بلام الجنس قد نظر إلى أن الأحكام المتعلقة بالطبائع التي هي مداليل المعرف بها منها ما يتعلق بالماهية من حيث هي من غير حاجة إلى ملاحظة الافراد أصلا كالحسن والقبح والحل والحرمة ونحو ذلك ومنها ما يتعلق بالماهية أصالة ويدل على التعلق بالافراد تبعا كقولنا اشتر اللحم فإنه يدل على طلب طبيعة اللحم أصالة وعلى طلب الاتيان بفرد ما تبعا من باب المقدمة فظن في القسم الثاني أن هذا المعنى التبعي مدلول اللفظ مع أنه ليس كذلك بل لازم لمدلوله هذا محصل كلامه وملخص مرامه وفيه ما لا يخفى فإن المعرف بلام العهد الذهني مستعمل في الجنس المأخوذ باعتبار تعينه الجنسي أو الذهني فهو مستعمل في معناه الحقيقي واعتبار تقييده بأحد الافراد على البدلية مراد من دلالة خارجة من لفظه كمتعلق الدخول به في
(١٦٨)
مفاتيح البحث: الصدق (1)، الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»