الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ١٥٩
عشرة جميع أفراد الواحد كما اعتبر في الحد بل بعضها فيخرج ولا يخفى أن هذا الوجه أيضا تعسف لعدم مساعدة ظاهر الحد عليه و اعلم أن الاشكال بالجمع لا يختص بالمعرف منه باللام بل يجري في المضاف منه أيضا ويمكن التفصي عنه أيضا بأحد التعسفات المذكورة وعلى اطراده تارة بالمشترك إذا استعمل في جميع معانيه حقيقة على القول بجوازه وهذا إنما يتجه على قول غير الشافعي لالتزامه بعموم المشترك في جميع معانيه حيث قسم العام إلى قسمين قسم متفق الحقيقة وقسم مختلف الحقيقة ويمكن دفعه بأن التعريف مبني على القول بالمنع كما هو التحقيق وقد استراح عن ذلك من اعتبر صلوحه له بحسب وضع واحد كما مر وأخرى بنحو عشرة ومائة من المركبات لاستغراقه لما يصلح له من أجزائه ومثله ضرب زيد عمرا من الجمل لأنه يستغرق ما يصلح له من معاني مفرداته وأجيب بأن ما يصلح له عشرة جميع العشرات لا ما يتضمنها من الآحاد وهو لا يستغرقها وأن الجملة لا تصلح لمعاني مفرداته و اعترض عليه بأن مبنى الاعتراض على أن المراد بصلوحه للجميع أعم من أن يكون لجميع جزئيات مفهومه أو أجزائه ولو خص بالأول لم يتناول لمثل الرجال أو المسلمين أو بالثاني لم يتناول لمثل الرجل ولا رجال وإذا أريد الأعم صدق على الأمثلة المذكورة ولم ينفع فيه الجواب المذكور والجواب أن لفظ الحد نص في كون المستغرق نفس ما يصلح له اللفظ لا أجزاؤه إذ اللفظ لا يصلح لها وتقدير لفظ الأجزاء والجزئيات مفسد له إذ لا إشعار له به فتعين تخصيصه بالمعنى الأول ولا ريب أن لفظ العشرة إنما يستغرق لما لا يصلح له من الوحدات دون مجموع العشرات وهو ظاهر ودون مجموع الوحدات إذ لا يصدق عليه أن اللفظ يستغرقه كما لا يصدق أن لفظ الواحد أو لفظ زيد يستغرق معناه ومثله الكلام في سائر المركبات نعم يبقى الاشكال بمثل الرجال والمسلمين ويمكن دفعه بما مر من التعسف والمختار في حده أن يقال هو ما استغرق جميع جزئيات مفهومه وضعا والمراد بالموصولة ما يتناول المفرد والمركب فدخل نحو كل رجل إذ يصدق عليه أنه يستغرق جميع جزئيات مفهوم الرجل المشتمل عليه مفهوم كل رجل ودخل فيه أيضا نحو الرجال لاستغراقه جميع جزئيات مفهوم الرجل المشتمل عليه مفهوم الجمع المعرف وكذلك النكرة المنفية ويمكن تخصيص الموصولة بالمفرد نظرا إلى أن العموم هناك ليس صفة للكل بل للجز المقيد أعني الرجل المضاف إليه الكل والنكرة المنفية وهذا أقرب إلى الاعتبار والمراد بالمفهوم ما يعم المفهوم المعتبر مطلقا و المعتبر مقيدا فدخل الجمع المعرف لتناوله جزئيات مفهوم المطلق أعني المجرد عن اعتبار التقييد بوصف الجمعية وإن اعتبر مقيدا بغيره كالوصف ودخل نحو علماء البلد من المجموع المضافة وشبهها لشمولها جزئيات مفهومها المقيد وهي داخلة في الحد السابق أيضا لان العموم في الجمع المضاف إنما يطرأ عليه بالتأويل السابق بعد طرو الإضافة والعبرة في عموم المقيد يتناوله لجميع ما يصلح له مفهومه المقيد دون المطلق ومثله الجمع المعرف باللام المقيد بوصف وشبهه كالعلماء الطوال بناء على ما هو التحقيق عندنا من أن دخول اللام عليه بعد اعتبار التقييد فيه وكذلك النكرة الموصوفة في سياق النفي وشبهه كقولك ما من رجل عالم في الدار فإن حرف النفي إنما سلطه على رجل بعد أخذه واعتباره مقيدا بالوصف فحرف النفي هنا وأداة التعريف فيما سبق وإن تقدما على التقييد لفظا لكنهما متأخران عنه حكما وتعلقا لكن كلماتهم لا تساعد على دخول غير الجمع المضاف لأنهم جعلوا التقييد بالوصف من باب التخصيص فيشكل عليهم الفرق في ذلك ويدخل أيضا نحو لا رجلان ولا رجال ولا يقدح عدم تناوله لنفي الفرد الواحد أو الفردين مع أنهما من أفراد مفهومه على ما مر لان المنفي فيهما ليس مفهوم الرجل المطلق بل المقيد بكونه في ضمن فردين وما زاد ولا ريب أن المقيد بذلك لا يتناول المقيد بفرد واحد أو فردين وكذلك يدخل فيه الجمع المعرف بلام العهد كما لو قلت أكرم العلماء وأردت به جماعة معهودة فإن اللام فيه للإشارة إلى مدلول مدخولها على حد سائر مواردها ومدلول الجمع أفراد متعينة باعتبار العهدية وحيث إن الإشارة مسبوقة بملاحظة المشار إليه المتعين بوصف تعينه كان تعلقهما بالجمع متأخرا عن اعتبار مدلوله متعينا بتعهد العهدي فهو على حد المقيد بالإضافة والوصف في طرو العموم عليه بعد التقييد لكن نص على خروجه عنه جماعة منهم الحاجبي حيث حده بما دل على مسميات باعتبار أمر اشتركت فيه مطلقا ضربة فاحترز بقوله مطلقا عن المعهود فإنه يدل على مسميات باعتبار أمر اشتركت فيه مع قيد خصصه بالمعهودين ومعنى قوله ضربة دفعة واحترز به عن النكرة في الاثبات لأنها تستغرق أفرادها لكن لا دفعة بل على البدل وأنت إذا أحطت بما ذكرناه وقفت على ما فيه لأنه لا يخلو إما أن يريد بالامر المشترك المدلول المطلق أو الأعم منه ومن المقيد فعلى الأول يلزم خروج الجمع المضاف عنه وقد أطبقوا على دخوله وكذلك الجمع المضاف إلى المضاف والموصول المقيد صلته بقيد كعلماء بلد زيد ومن أكرم غلامي في الدار وعلى الثاني يلزم دخول مثل الجمع المعهود لتناوله جميع مسميات مدلوله المقيد وقولنا وضعا احتراز عن اللفظ المستغرق لجميع جزئيات مفهومه مجازا كالمفرد المستعمل في العموم مجازا عند من يراه مجازا فيه فإن القصد لا يتعلق بالبحث عنه في جملة من المباحث الآتية وإنما ينبغي تعميم العناوين على حسب ما يحتاج إليه مع احتمال دخوله لامكان تعميم بعض المباحث بالنسبة إليه وممن صرح باعتبار القيد المذكور بعض المتأخرين حيث عرفه باللفظ الموضوع للدلالة على استغراق أجزائه أو جزئياته فاحترز بقيد الموضوع للدلالة على الاستغراق عن المثنى والجمع المنكر و أسماء العدد فإنها لم توضع للدلالة على ذلك وإن دلت كذا ذكره بعض المعاصرين ويشكل بمثل النكرة في
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»