وكذلك الكلام في الكناية بقوله: (ما لونها)، وبقوله: (إنها بقرة صفراء فاقع لونها)، والكناية في قوله: (ما هي إن البقرة تشابه علينا)، ثم الكناية في قوله: (إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض).
ولا يجوز أن تكون الكناية في قوله تعالى (إنها) في المواضع كلها عن القصة والحال، لأن الكناية في (إنها) لابد من أن يتعلق بما تعلقت به الكناية في قوله (هي)، ولا شبهة في أن المراد بلفظ (هي) البقرة التي أمروا بذبحها فيجب أن يكون كناية الجواب يعود إلى ما كني عنه بالهاء في السؤال، ولو جاز تعلق (إنها) بالقصة والشأن جاز تعليق (ما هي) بذلك، وجاز أيضا أن تكون الكناية في قوله:
(إنه يقول) عن غير الله تعالى ويكون عن الحال (1) والقصة كما قالوا في " أنه زيد منطلق " وكنوا عن الشأن والقصة.
وكيف قوله (إنها) كذا وكذا كناية عن غير ما كني عنه بما هي، وبما لونها أو ليس ذلك يوجب أن يكون جوابا عن غير ما سئل عنه (2)؟، لأنهم سئلوا عن صفات البقرة التي تقدم ذكرها، وأمرهم بذبحها، فأجيبوا عن غير ذلك. وسواء جعلوا الهاء (في إنها) عن الشأن والقصة، أو عن البقرة التي أمروا ثانيا وثالثا بذبحها، فكيف يجوز أن يسألوا عن صفة ما تقدم أمره لهم بذبحه، فيترك ذلك جانبا ويذكر صفة ما لم يتقدم الأمر بذبحه؟ وإنما أمروا أمر مستأنفا به.
ولو كان الأمر على ما قالوه: من أنه تكليف بعد تكليف لكان، الواجب لما قالوا له: (ما هي) وإنما عنوا البقرة التي أمروا ابتداء بذبحها، أن يقولوا لهم أي بقرة شئتم؟
وعلى أي صفة كانت؟ وما أمرتكم بذبح بقرة لها صفة معينة، والآن تغيرت مصلحتكم فاذبحوا الآن بقرة من (3) صفتها كذا وكذا، فإذا قالوا: (ما لونها)؟ يقول: أي لون