عدة الأصول (ط.ج) - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٧٦٠
شيئا منها لا يصح أن يعلم صحة السمع.
وإنما قلنا ذلك: لأنه متى لم يعلم ما قلناه، لم نأمن ان يكون الذي فعل المعجز غير الحكيم، وأنه ممن يجوز عليه تصديق الكذاب، فلا نثق بصحة السمع.
وأما ما يصح أن يعلم بالسمع والعقل معا: فنوا ان الله تعالى لا يجوز عليه الرؤية على الحد الذي يجوزها الأشعري وأصحابه (1) عليه، لان نفي ذلك يصح ان

(١) إن مسألة جواز رؤية الله تعالى وعدمه تعد من موارد النزاع والخلاف وتضارب الآراء بين الأشاعرة والعدلية، أما الأشعري وأصحابه فقد أجمعوا على جواز رؤية الله تعالى، وأن المؤمنين يرون ربهم في الجنة بلا كيف ولا تشبيه ولا تحديد!! وعدوا رؤية المؤمنين له تعالى من أعلى العطايا وأسنى الكرامات التي يمنحها الله تعالى لهم، وقالوا انه هي الزيادة المذكورة في قوله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) [يونس: ٢٦]، ولم يكتفوا بهذا المقدار بل قالوا: ان للانسان لمسه وذوقه وشمه!! وأقاموا على دعواهم الحجج العقلية والسمعية، وأنكروا تأويل العدلية للآيات الدالة على جواز الرؤية، واليك خلاصة رأي الأشاعرة وحججهم كما أوردها عبد القاهر الجرجاني في كتابه " أصول الدين: ٩٨ - ٩٧ " وهي نص كلام الأشعري في كتابيه " الإبانة " و " اللمع " دون ان يضيف إليهما شيئا جديدا، يقول: " قال أصحابنا: أجمع أهل الحق على أن الله راء برؤية أزلية، يرى بها جميع المرئيات، ولم يزل رائيا لنفسه، واختلف أصحابنا فيما يجوز كونه مرئيا، وقال أبو الحسن الأشعري: يجوز رؤية كل موجود وإحالة رؤية المعدوم. وقال عبد الله بن سعيد والقلانسي بجواز رؤية ما هو قائم بنفسه وأحالا رؤيته، ومنع من رؤية الاعراض، وزعم البغداديون من المعتزلة ان الله لا يرى شيئا، وتأولوا ما في القرآن من ذكر رؤيته وبصره على معنى انه عامل بالأشياء، وزعم البصريون منهم ان الله يرى غيره ولا يرى نفسه ويستحيل ان يكون مرئيا ".
اما الامامية فقد أنكروا القول بالرؤيا وجوازها يقول الشيخ المفيد: " لا يصح رؤية الباري سبحانه بالابصار وبذلك شهد العقل ونطق القرآن وتواتر الخبر عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعليه جمهور أهل الإمامة وعامة متكلميها الا من شذ منهم لشبهة عرضة له في تأويل الاخبار، والمعتزلة بأسرها توافق أهل الإمامة في ذلك، وجمهور المرجئة وكثير من الخوارج والزيدية وطوائف من أصحاب الحديث، يخالف في المشبهة وإخوانهم من أصحاب الصفات ".
انظر: " أصول الدين للجرجاني: ٩٨ - ٩٧، الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد: ٧٤، أوائل المقالات: ٥٧، الاعتقاد للبيهقي: 58، الانصاف للباقلاني: 200، المعتمد في أصول الدين للخوارزمي: 407، مذاهب الاسلاميين 1: 554 - 548 وأيضا لاحظ آراء المذاهب الاسلامية حول هذا الموضوع في كتاب (مقالات الاسلاميين) لأبي الحسن الأشعري ".
(٧٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 753 754 755 756 757 758 759 760 761 762 763 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل (3) في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان، وما به يقع البيان 417
2 فصل (4) في ذكر جملة ما يحتاج إلى بيان وما لا يحتاج من الافعال 421
3 فصل (5) في أن تخصيص العموم لا يمنع من التعلق بظاهره 424
4 فصل (6) في ذكر وقوع البيان بالافعال 431
5 فصل (7) في ما الحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 436
6 فصل (8) في ذكر جواز تأخير التبليغ، والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 447
7 فصل (9) في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، وذكر الخلاف فيه 449
8 فصل (10) في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز؟ 465
9 فصل (11) في القول في دليل الخطاب، واختلاف الناس فيه 467
10 (الباب السابع) الكلام في الناسخ والمنسوخ فصل (1) في ذكر حقيقة النسخ، وبيان شرائط، والفصل بينه وبين البداء 485
11 في نسخ الحكم ببدل 491
12 في معنى البداء 495
13 فصل (2) في ذكر ما يصح النسخ فيه من أفعال، المكلف، وما لا يصح، وبيان شرائطه 499
14 النسخ في الاخبار 501
15 أقسام الخبر 503
16 فصل (3) في ذكر جواز نسخ الشرعيات 506
17 فصل (4) في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة، ونسخ التلاوة دون الحكم 514
18 فصل (5) في نسخ الشئ قبل وقت فعله، ما حكمه؟ 518
19 فصل (6) في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أو لا؟ 527
20 فصل (7) في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا؟ والخلاف فيه 534
21 فصل (8) في نسخ الكتاب بالكتاب، والسنة بالسنة، ونسخ الاجماع والقياس، وتجويز القول بهما 537
22 فصل (9) في ذكر نسخ القرآن بالسنة، والسنة بالقرآن 543
23 فصل (10) في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخهما 554
24 (الباب الثامن) الكلام في الافعال فصل (1) في ذكر جملة من أحكام الافعال، وما يضاف إليه، واختلاف أحوالهم 563
25 فصل (2) في ذكر معنى التأسي بالنبي (ص) وهل يجب اتباعه عقلا أو سمعا؟ والقول فيه 569
26 فصل (3) في الدلالة على أن أفعاله (ع) كلها ليست على الوجوب 575
27 فصل (4) في ذكر الوجوه التي تقع عليها أفعاله (ع)، وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 582
28 فصل (5) في ذكر أفعاله إذا اختلفت هل يصح التعارض فيها أم لا؟ 587
29 فصل (6) في أنه (ع) هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 590
30 (الباب التاسع) الكلام في الاجماع فصل (1) في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 601
31 فصل (2) في كيفية العلم بالاجماع، ومن يعتبر قوله فيه 628
32 فصل (3) في ما يتفرع على الاجماع من حيث كان إجماعا عند من قال بذلك، كيف القول فيه على ما نذهب إليه؟ 639
33 (الباب العاشر) الكلام في القياس فصل (1) في ذكر حقيقة القياس، واختلاف الناس في ورود العبادة به 647
34 فصل (2) في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 653
35 فصل (3) في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 665
36 فصل (4) في أن العبادة لم ترد بوجوب العمل بالقياس 669
37 (الباب الحادي عشر) الكلام في الاجتهاد فصل (1) الكلام في الاجتهاد 723
38 فصل (2) في ذكر صفات المفتي والمستفتي وبيان أحكامهما 727
39 فصل (3) في أن النبي (ع) هل كان مجتهدا في شئ من الاحكام؟ وهل كان يسوغ ذلك له عقلا أم لا؟ وإن من غاب عن الرسول (ص) في حال حياته هل كان يسوغ له الاجتهاد أو لا؟ وكيف حال من بحضرته في جواز ذلك؟ 733
40 (الباب الثاني عشر) الكلام في الحظر والإباحة فصل (1) في ذكر حقيقة الحظر والإباحة والمراد بذلك 739
41 فصل (2) في ذكر بيان الأشياء التي يقال إنها على الخطر أو الإباحة والفصل بينهما وبين غيرها، والدليل على الصحيح من ذلك؟ 741
42 فصل (3) في ذكر حكم النافي، هل عليه دليل أم لا؟ والكلام في استصحاب الحال 752
43 الكلام في استصحاب الحال 755
44 فصل (4) في ذكر ما يعلم بالعقل والسمع 759