عدة الأصول (ط.ج) - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٤٣٨
والوطء، وليس كذلك في قوله: ﴿حرمت عليكم الميتة﴾ (١)، بل المراد هاهنا غير المراد هناك، وذلك أنه لا يمتنع أن يتعارف استعمال التحريم المعلق بالعين في أعيان مختلفة بحسب ما جرت العادة بفعلها في الأعيان، ويتعارف عن تحريم الأمهات الاستمتاع، ومن تحريم الميتة الأكل، لأن اللفظة الواحدة لا يمتنع ان يختلف المعقول بها بحسب اختلاف ما تعلق به، ألا ترى أن النظر بالعين لا يعقل منه ما يعقل من النظر بالقلب، فلما جاز أن يختلف المعقول من النظر بحسب اختلاف ما تعلق به من العين والقلب، فكذلك القول في التحريم.
وليس لأحد أن يقول: إذا كان المحرم من الأمهات غير المحرم من الميتة، علم أن اللفظ لا يفيد، إذ لو أفاده لأتفق ما يفيده في الموضعين، أو يكون ذلك مجازا على ما مر في كلام أبي هاشم، وذلك أن الذي يقال في ذلك أنه مجاز في اللغة وإن كان حقيقة في العرف، كما تقول في " الغائط " و " الدابة " وما أشبههما.
وذهب قوم ممن تكلم في أصول الفقه إلى أن قوله تعالى: ﴿والذين هم لفروجهم حافظون﴾ (٢) الآية، وقوله: ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة﴾ (3) الآية، وغير ذلك من الآيات التي ذكر فيها المدح أو (4) الذم مجمل، وقالوا: إن القصد بها تعليق الذم بالفعل المذكور فيها أو المدح لا بيان الحكم بها وتفصيله، فالتعلق بها في الحكم وفي شروطه لا يصح (5).

(١) المائدة: ٣.
(٢) المؤمنون: ٥.
(٣) التوبة: ٣٤.
(٤) و.
(٥) أقول: نسب أبو إسحاق الشيرازي في (التبصرة: ١٩٣)، (وأيضا الشريف المرتضى (في الذريعة ١: ٣٤٥) هذا القول إلى بعض أصحابه من الشافعية دون أن يسميهم، إلا أن الآمدي (الأحكام ٢: ٤٨٥ م 25) نسبه إلى الشافعي حيث قال " اللفظ العام إذا قصد به المخاطب الذم أو المدح كقوله تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة) الآية، نقل عن الشافعي أنه منع من عمومه حتى أنه منع من التمسك به في وجوب زكاة الحلي، مصيرا منه إلى أن العموم لم يقع مقصودا في الكلام وإنما سيق لقصد الذم والمدح مبالغة في الحث على العمل أو الزجر عنه. وخالفه الأكثرون، وهو الحق ".
وقال: شارح: " التبصرة في أصول الفقه " ص 193 هامش (4): " قال ابن السبكي في رفع الحاجب (1:
434 - أ) معقبا عليه: " وهو وجه ضعيف في المذهب نقله الجلائي عن القفال. والثابت عن الشافعي والصحيح من مذهبه، العموم ".
(٤٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل (3) في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان، وما به يقع البيان 417
2 فصل (4) في ذكر جملة ما يحتاج إلى بيان وما لا يحتاج من الافعال 421
3 فصل (5) في أن تخصيص العموم لا يمنع من التعلق بظاهره 424
4 فصل (6) في ذكر وقوع البيان بالافعال 431
5 فصل (7) في ما الحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 436
6 فصل (8) في ذكر جواز تأخير التبليغ، والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 447
7 فصل (9) في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، وذكر الخلاف فيه 449
8 فصل (10) في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز؟ 465
9 فصل (11) في القول في دليل الخطاب، واختلاف الناس فيه 467
10 (الباب السابع) الكلام في الناسخ والمنسوخ فصل (1) في ذكر حقيقة النسخ، وبيان شرائط، والفصل بينه وبين البداء 485
11 في نسخ الحكم ببدل 491
12 في معنى البداء 495
13 فصل (2) في ذكر ما يصح النسخ فيه من أفعال، المكلف، وما لا يصح، وبيان شرائطه 499
14 النسخ في الاخبار 501
15 أقسام الخبر 503
16 فصل (3) في ذكر جواز نسخ الشرعيات 506
17 فصل (4) في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة، ونسخ التلاوة دون الحكم 514
18 فصل (5) في نسخ الشئ قبل وقت فعله، ما حكمه؟ 518
19 فصل (6) في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أو لا؟ 527
20 فصل (7) في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا؟ والخلاف فيه 534
21 فصل (8) في نسخ الكتاب بالكتاب، والسنة بالسنة، ونسخ الاجماع والقياس، وتجويز القول بهما 537
22 فصل (9) في ذكر نسخ القرآن بالسنة، والسنة بالقرآن 543
23 فصل (10) في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخهما 554
24 (الباب الثامن) الكلام في الافعال فصل (1) في ذكر جملة من أحكام الافعال، وما يضاف إليه، واختلاف أحوالهم 563
25 فصل (2) في ذكر معنى التأسي بالنبي (ص) وهل يجب اتباعه عقلا أو سمعا؟ والقول فيه 569
26 فصل (3) في الدلالة على أن أفعاله (ع) كلها ليست على الوجوب 575
27 فصل (4) في ذكر الوجوه التي تقع عليها أفعاله (ع)، وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 582
28 فصل (5) في ذكر أفعاله إذا اختلفت هل يصح التعارض فيها أم لا؟ 587
29 فصل (6) في أنه (ع) هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 590
30 (الباب التاسع) الكلام في الاجماع فصل (1) في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 601
31 فصل (2) في كيفية العلم بالاجماع، ومن يعتبر قوله فيه 628
32 فصل (3) في ما يتفرع على الاجماع من حيث كان إجماعا عند من قال بذلك، كيف القول فيه على ما نذهب إليه؟ 639
33 (الباب العاشر) الكلام في القياس فصل (1) في ذكر حقيقة القياس، واختلاف الناس في ورود العبادة به 647
34 فصل (2) في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 653
35 فصل (3) في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 665
36 فصل (4) في أن العبادة لم ترد بوجوب العمل بالقياس 669
37 (الباب الحادي عشر) الكلام في الاجتهاد فصل (1) الكلام في الاجتهاد 723
38 فصل (2) في ذكر صفات المفتي والمستفتي وبيان أحكامهما 727
39 فصل (3) في أن النبي (ع) هل كان مجتهدا في شئ من الاحكام؟ وهل كان يسوغ ذلك له عقلا أم لا؟ وإن من غاب عن الرسول (ص) في حال حياته هل كان يسوغ له الاجتهاد أو لا؟ وكيف حال من بحضرته في جواز ذلك؟ 733
40 (الباب الثاني عشر) الكلام في الحظر والإباحة فصل (1) في ذكر حقيقة الحظر والإباحة والمراد بذلك 739
41 فصل (2) في ذكر بيان الأشياء التي يقال إنها على الخطر أو الإباحة والفصل بينهما وبين غيرها، والدليل على الصحيح من ذلك؟ 741
42 فصل (3) في ذكر حكم النافي، هل عليه دليل أم لا؟ والكلام في استصحاب الحال 752
43 الكلام في استصحاب الحال 755
44 فصل (4) في ذكر ما يعلم بالعقل والسمع 759