عدة الأصول (ط.ج) - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٥٦٦
فصل بين أن يكون واجبا أو ندبا، أو مباحا، وربما استعمل (1) الفقهاء هذه اللفظة فيما يكون مندوبا إليه من الشرعيات ليفصلوا بينه وبين الواجب فيقولون " ركعتا الفجر سنة " وصلاة الليل سنة، وصلاة الغداة (2) فريضة " والأصل ما قدمناه فاما الفعل الحسن: فعلى جميع مراتبه يقع من كل فاعل، قديما كان أو محدثا، الا أنه يمنع من التسمية في بعض الأقسام في أفعال القديم القديم لما قدمناه من الشرط المفقود منه واما القبيح: فإنه يختلف أحوال الفاعلين فيه: فالقديم تعالى لا يجوز أن يقع منه شئ من القبيح لعلمه بقبحه، وبأنه غنى عنه (3).
واما الأنبياء عليهم السلام فكذلك لا يقع منهم شئ من القبيح أصلا (وكذا الرسل) (4) سواء كانوا من البشر أو من الملائكة، وكذلك حكم الأئمة الحافظين

(١) استعملت.
(٢) في الأصل: العراة.
(٣) قال المصنف في (الإقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد: ٨٨): " فالذي يدل على أنه لا يفعله (أي القبيح) علمه بقبح القبائح، وعلمه بأنه غني عنه، والعالم بقبح القبيح، وبأنه غني عنه لا يجوز أن يختاره. ألا ترى أن من خير بين الصدق والكذب في باب الوصول إلى غرضه، وهو عالم بقبح الكذب وحسن الصدق لا يجوز أن يختار الكذب على الصدق مع تساويهما في باب الغرض، ولا علة لذلك إلا كونه عالما بقبح الكدب، وبأنه غني عنه بالصدق، فيجب أن يكون تعالى لا يفعل القبيح لثبوت الأمرين، على أنه لو جازت عليه الحاجة لما جاز أن يفعل القبيح لأنه من جنسه من الحسن على ما لا يتناهى ".
(٤) زيادة من النسخة الثانية، وفي الأصل: سواء كان من البشر.
(٥) قد اختلفت آراء المتكلمين حول مسألة عصمة الأنبياء عليهم السلام وارتكابهم القبائح، فمذهب الإمامية هو: " أن أنبياء الله صلوات الله عليهم معصومون من كل الكبائر قبل النبوة وبعدها، ومما يستخف فاعله من الصغائر كلها. وأما ما كان من صغر لا يستخف فاعله فجائز وقوعه منهم قبل النبوة وعلى غير تعمد وممتنع منهم بعدها على كل حال. وأما نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ممن لم يعص الله عز وجل منذ خلقه الله عز وجل إلى إن قبضة ولا تعهد خلافا ولا أذنب ذنبا على التعمد ولا النسيان " وجمهور أهل السنة والمعتزلة والزيدية تخالف الإمامية، ولهم تفصيل في هذا الكتاب، وإليك خلاصة مذاهبهم كما أوردها عبد القاهر الجرجاني في كتابه (أصول الدين: ١٦٩ - ١٦٧): " أجمع أصحابنا على وجوب كون الأنبياء معصومين يعد النبوة عن الذنوب كلها، وأما السهو والخطاء فليسا من الذنوب فلذلك ساغا عليهم. وقد سها نبينا صلى الله عليه وآله وسلم في صلوته حتى سلم عن الركعتين تم بنى عليها وسجد سجدتي السهو، وأجازوا عليهم الذنوب قبل النبوة وتأولوا على ذك كل ما حكى في القرآن من ذنوبهم، وأجاز ابن كرام في كتابه الذنوب من الأنبياء من غير تفصيل منه، ولأصحابه اليوم في ذلك تفصى يقولون: يجوز عليهم الذنوب ما لا يوجب حدا ولا تفسيقا، وفيهم من يجيز الخطاء في التبليغ، وأختلف القدرية فمنهم من قال: أن ذنوب الأنبياء خطأ من جهة التأويل والاجتهاد ولم يجوز عليهم ان يفعلوا ما علموا أنه جنسها فأخطاء في التأويل، وهذا تأويل الجبائي، وقال ابنه أبو هاشم: إن ذلك كان ذنبا منه، ثم قال أبو هاشم: يجوز عليهم الصغائر التي لا تنفر، وقال النظام وجعفر بن مبشر: إن ذنوبهم على السهو والخطأ، وهم مأخوذون بما وقع منهم على هذا الجهة وإن كان ذلك موضوعا عن أممهم. وقال أصحابنا: لا معنى لدعوى القدرية عصمة الأنبياء ولا يصح هم على أصولهم أن يقولوا: أن الله عصمهم عن شئ من الذنوب لإنه قد فعل بهم ما فعله بسائر المكلفين من النكير والعذر كلهما عندهم يصلح للطاعة والمعصية وإنما هم عصموا أنفسهم عن المعاصي وليس لله في عصمتهم تأثير ".
أنظر: " أوائل المقالات: ٦٢، الإقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد: ٢٦٠، تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى، الذخيرة في علم الكلام: 338، شرح الأصول الخمسة: 575، المواقف: 358، مقالات الإسلاميين 1: 16 1 و 213 و 272، مذاهب الإسلاميين: 478، الأحكام للآمدي 1: 145 ".
(٥٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 559 561 563 564 565 566 567 568 569 570 571 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل (3) في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان، وما به يقع البيان 417
2 فصل (4) في ذكر جملة ما يحتاج إلى بيان وما لا يحتاج من الافعال 421
3 فصل (5) في أن تخصيص العموم لا يمنع من التعلق بظاهره 424
4 فصل (6) في ذكر وقوع البيان بالافعال 431
5 فصل (7) في ما الحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 436
6 فصل (8) في ذكر جواز تأخير التبليغ، والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 447
7 فصل (9) في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، وذكر الخلاف فيه 449
8 فصل (10) في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز؟ 465
9 فصل (11) في القول في دليل الخطاب، واختلاف الناس فيه 467
10 (الباب السابع) الكلام في الناسخ والمنسوخ فصل (1) في ذكر حقيقة النسخ، وبيان شرائط، والفصل بينه وبين البداء 485
11 في نسخ الحكم ببدل 491
12 في معنى البداء 495
13 فصل (2) في ذكر ما يصح النسخ فيه من أفعال، المكلف، وما لا يصح، وبيان شرائطه 499
14 النسخ في الاخبار 501
15 أقسام الخبر 503
16 فصل (3) في ذكر جواز نسخ الشرعيات 506
17 فصل (4) في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة، ونسخ التلاوة دون الحكم 514
18 فصل (5) في نسخ الشئ قبل وقت فعله، ما حكمه؟ 518
19 فصل (6) في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أو لا؟ 527
20 فصل (7) في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا؟ والخلاف فيه 534
21 فصل (8) في نسخ الكتاب بالكتاب، والسنة بالسنة، ونسخ الاجماع والقياس، وتجويز القول بهما 537
22 فصل (9) في ذكر نسخ القرآن بالسنة، والسنة بالقرآن 543
23 فصل (10) في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخهما 554
24 (الباب الثامن) الكلام في الافعال فصل (1) في ذكر جملة من أحكام الافعال، وما يضاف إليه، واختلاف أحوالهم 563
25 فصل (2) في ذكر معنى التأسي بالنبي (ص) وهل يجب اتباعه عقلا أو سمعا؟ والقول فيه 569
26 فصل (3) في الدلالة على أن أفعاله (ع) كلها ليست على الوجوب 575
27 فصل (4) في ذكر الوجوه التي تقع عليها أفعاله (ع)، وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 582
28 فصل (5) في ذكر أفعاله إذا اختلفت هل يصح التعارض فيها أم لا؟ 587
29 فصل (6) في أنه (ع) هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 590
30 (الباب التاسع) الكلام في الاجماع فصل (1) في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 601
31 فصل (2) في كيفية العلم بالاجماع، ومن يعتبر قوله فيه 628
32 فصل (3) في ما يتفرع على الاجماع من حيث كان إجماعا عند من قال بذلك، كيف القول فيه على ما نذهب إليه؟ 639
33 (الباب العاشر) الكلام في القياس فصل (1) في ذكر حقيقة القياس، واختلاف الناس في ورود العبادة به 647
34 فصل (2) في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 653
35 فصل (3) في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 665
36 فصل (4) في أن العبادة لم ترد بوجوب العمل بالقياس 669
37 (الباب الحادي عشر) الكلام في الاجتهاد فصل (1) الكلام في الاجتهاد 723
38 فصل (2) في ذكر صفات المفتي والمستفتي وبيان أحكامهما 727
39 فصل (3) في أن النبي (ع) هل كان مجتهدا في شئ من الاحكام؟ وهل كان يسوغ ذلك له عقلا أم لا؟ وإن من غاب عن الرسول (ص) في حال حياته هل كان يسوغ له الاجتهاد أو لا؟ وكيف حال من بحضرته في جواز ذلك؟ 733
40 (الباب الثاني عشر) الكلام في الحظر والإباحة فصل (1) في ذكر حقيقة الحظر والإباحة والمراد بذلك 739
41 فصل (2) في ذكر بيان الأشياء التي يقال إنها على الخطر أو الإباحة والفصل بينهما وبين غيرها، والدليل على الصحيح من ذلك؟ 741
42 فصل (3) في ذكر حكم النافي، هل عليه دليل أم لا؟ والكلام في استصحاب الحال 752
43 الكلام في استصحاب الحال 755
44 فصل (4) في ذكر ما يعلم بالعقل والسمع 759