العبادة إذا أتى بها على حد ما كان يؤتى بها من قبل أن يكون نسخا؟
قيل له: كذلك نقول، وسنبينه بعد هذا الفصل انشاء الله تعالى.
فأما زيادة الشرط في بعض العبادات، فإنه لا يوجب النسخ إذا كان منفصلا من العبادة، وتصح من دونه، لأنه إذا كان كذلك صار في حكم عبادة أخرى ويفارق ذلك ما قلناه من الصلاة من أن زيادة ركعة فيها تقتضي النسخ، لان الصلاة بعد الزيادة تصير مع المزيد في حكم الشئ الواحد، فلم يكن ذلك موجبا للنسخ.
وإذا (1) ثبت (2) ما قدمناه، فكل زيادة تصح دون المزيد عليه، أو يصح المزيد عليه دونها، فأحدهما لا يوجب نسخ الاخر، كما أن زيادة صلاة على ما أوجب الله تعالى من الصلوات لا يقتضى نسخا لها فأما الكفارات الثلاث المخير فيها، فمتى فرضنا ان الله تعالى زاد فيها رابعا، فان ذلك يوجب نسخ تحريم ترك الثلاثة، لأنه كان من قبل يحرم تركها أجمع، والآن لا يحرم، ولكن لا يقتضى ذلك نسخ الكفارات الثلاث، لما قدمناه من أنها لو فعلت على الحد الذي فعلت قبل العبادة بالرابعة لكانت واقعة موقعها فلم توجب ذلك نسخا.
فإن قيل: فما قولكم في الذي تذهبون إليه من وجوب الحكم بالشاهد واليمين، يقتضى ذلك نسخ ما أوجب الله تعالى من الحكم بالشاهدين أو بشاهد وامرأتين؟
فان قلتم: ذلك قلتم بجواز نسخ القرآن بخبر الواحد، وذلك خلاف مذهبكم، بل هو خلاف الاجماع!
وان قلتم: أن ذلك ليس بنسخ، بينوا القول فيه؟
قيل له: إن ذلك ليس بنسخ لان القرآن إذا دل على أن الحكم بالشاهد الواحد لا يتم إلا بأن يضاف إليه الثاني، أو تضاف امرأتان لا يمنع من قيام الدلالة على كون غيره شرطا فيه، وقد أجمعت الطائفة المحقة على جواز ذلك، فكان ذلك موجبا