أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٥٧٥
وفي هذا كما قدمنا توجيه لكل داعية إلى الله، أن يكون رحب الصدر هادىء النفس متجملا بالصبر.
وقوله: * (ووضعنا عنك وزرك) *، والوضع يكون للحط والتخفيف، ويكون للحمل والتثقيل، فإن عدي بعن كان للحط، وإن عدي بعلى كان للحمل، في قولهم: وضعت عنك، ووضعت عليك، والوزر لغة الثقل.
ومنه: حتى تضع الجرب أوزارها، أي ثقلها من سلاح ونحوه.
ومنه الوزير: المتحمل ثقل أميره وشغله، وشرعا الذنب كما في الحديث: (ومن سن سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)، وقد يتعاوران في التعبير كقوله تعالى: * (ليحملوا أوزارهم كاملة) *، وقوله مرة أخرى * (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) *.
وقد أفرد لفظ الوزر هنا وأطلق، ولم يبين ما هو وما نوعه، فاختلف فيه اختلافا كثيرا.
فقيل: ما كان فيه من أمر الجاهلية، وحفظه من مشاركته معهم، فلم يلحقه شيء منه.
وقيل: ثقل تألمه مما كان عليه قومه، ولم يستطع تغييره، وشفقته صلى الله عليه وسلم بهم، أي كقوله تعالى: * (فلعلك باخع نفسك علىءاثارهم إن لم يؤمنوا بهاذا الحديث أسفا) *، أي أسفا عليهم.
وقال أبو حيان: هو كناية عن عصمته صلى الله عليه وسلم من الذنوب، وتطهيره من الأرجاس.
وقال ابن جرير: وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك، وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها.
وقال ابن كثير: هو بمعنى * (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) *.
فكلام أبي حيان: يدل على العصمة، وكلام ابن جرير يدل على شيء في الجاهلية، وكلام ابن كثير مجمل.
(٥٧٥)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، الجهل (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 570 571 572 573 574 575 576 577 578 579 580 » »»