أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٥٧٣
واختلف في معنى شرح الصدر، إلا أنه لا منافاة فيما قالوا، وكلها يكمل بعضها بعضا.
فقيل: هو شق الصدر سواء كان مرة أو أكثر، وغسله وملؤه إيمانا وحكمة، كما في رواية مالك بن صعصعة في ليلة الإسراء، ورواية أبي هريرة في غيرها.
وفيه كما في رواية أحمد: أنه شق صدره وأخرج منه الغل والحسد، في شيء كهيئة العلقة، وأدخلت الرأفة والرحمة.
وقيل: شرح الصدر، إنما هو توسيعه للمعرفة والإيمان ومعرفة الحق، وجعل قلبه وعاء للحكمة.
وفي البخاري عن ابن عباس (شرح الله صدره للإسلام).
وعند أبي كثير: نورناه وجعلناه فسيحا رحيبا واسعا، كقوله * (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) *.
والذي يشهد له القرآن: أن الشرح هو الانشراح والارتياح. وهذه حالة نتيجة استقرار الإيمان والمعرفة والنور والحكمة. كما في قوله تعالى: * (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه) *، فقوله: فهو على نور من ربه: بيان لشرح الصدر للإسلام.
كما أن ضيق الصدر، دليل على الضلال، كما في نفس الآية * (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا) *.
وفي حاشية الشيخ زادة علي البيضاوي قال: لم يشرح صدر أحد من العالمين، كما شرح صدره عليه السلام، حتى وسع علوم الأولين والآخرين فقال: (أوتيت جوامع الكلم) ا ه.
ومراده بعلوم الأولين والآخرين، ما جاء في القرآن من أخبار الأمم الماضية مع رسلهم وأخبار المعاد، وما بينه وبين ذلك مما علمه الله تعالى.
والذي يظهر والله تعالى أعلم: أن شرح الصدر الممتن به عليه صلى الله عليه وسلم، أوسع وأعم
(٥٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 568 569 570 571 572 573 574 575 576 577 578 ... » »»