أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢٤
وقوله تعالى: * (بما كانوا يكسبون) * كالتوكيد في المعنى لقوله * (فاستحبوا العمى على الهدى) * لأن كلا منهما سبب لأخذ الصاعقة إياهم، فالفاء في قوله: فأخذتهم سببية، والباء في قوله بما كانوا سببية، والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (ونجينا الذين ءامنوا وكانوا يتقون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أنه أهلك ثمود بالصاعقة، ونجى من ذلك إهلاك الذين آمنوا وكانوا يتقون الله، والمراد بهم صالح ومن آمن معه من قومه.
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة، جاء مبينا في غير هذا الموضع، كقوله تعالى في سورة هود * (فلما جآء أمرنا نجينا صالحا والذين ءامنوا معه برحمة منا ومن خزى يومئذ إن ربك هو القوى العزيز وأخذ الذين ظلموا الصيحة) *، وقوله تعالى في النمل: * (ولقد أرسلنآ إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون) * إلى قوله تعالى في ثمود * (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن فى ذالك لاية لقوم يعلمون وأنجينا الذين ءامنوا وكانوا يتقون) * أي وهم صالح ومن آمن معه. قوله تعالى: * (ويوم يحشر أعدآء الله إلى النار فهم يوزعون) *. قرأ هذا الحرف عامة القراء غير نافع (يحشر) بضم الياء وفتح الشين مبنيا للمفعول (أعداء الله) بالرفع على أنه نائب الفاعل.
وقرأه نافع وحمزة، من السبعة (نحشر أعداء الله) بالنون المفتوحة الدالة على العظمة، وضم الشين مبنيا للفاعل، (أعداء الله) بالنصب على أنه مفعول به، أي واذكر * (ويوم يحشر أعدآء الله) * أي يجمعون إلى النار.
وما دلت عليه هذه الآية، من أن لله أعداء، وأنهم يحشرون يوم القيامة إلى النار. جاء مذكورا في آيات أخر.
فبين في بعضها أن له أعداء وأن أعداءه هم أعداء المؤمنين وأن جزاءهم النار كقوله تعالى * (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين) * وقوله تعالى: * (ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) * وقوله تعالى * (ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم) *.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»