أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢١
فيعلم مما ذكرنا: أن الهدى المثبت له صلى الله عليه وسلم، هو الهدى العام الذي هو البيان، والدلالة والإرشاد، وقد فعل ذلك صلى الله عليه وسلم فبين لمحجة البيضاء، حتى تركها ليلها كنهارها لا يزيغ عنها هالك.
والهدى المنفي عنه في آية: * (إنك لا تهدى من أحببت) * هو الهدى الخاص الذي هو التفضل بالتوفيق، لأن ذلك بيد الله وحده، وليس بيده صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: * (ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولائك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم) *. وقوله تعالى: * (إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يضل) * والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وكذلك قوله تعالى: * (شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس) *، لا منافاة فيه بين عموم الناس في هذه الآية. وخصوص المتقين في قوله تعالى: * (ذالك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) * لأن الهدى العام للناس هو الهدى العام، والهدى الخاص بالمتقين، هو الهدى الخاص كما لا يخفى.
وقد بينا هذا في غير هذا الموضع، والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (فأخذتهم صاعقة العذاب الهون) *. الفاء في قوله: فأخذتهم سببية، أي فاستحبوا العمى على الهدى، وبسبب ذلك، أخذتهم صاعقة العذاب الهون.
واعلم أن الله جل وعلا عبر عن الهلاك الذي به ثمود، بعبارات مختلفة، فذكره هنا باسم الصاعقة في قوله: * (فأخذتهم صاعقة العذاب الهون) * وقوله: * (فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) *.
وعبر عنه أيضا كالصاعقة في سورة الذاريات في قوله تعالى: * (وفى ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون) *.
وعبر عنه بالصيحة في آيات من كتابه، كقوله تعالى في سورة هود، في إهلاكه ثمود: * (وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيهآ ألا
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»