أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٣٨٧
قد أوضحنا معنى هذه الآية الكريمة، وبينا العمل الصالح بالآيات القرآنية، وأوضحنا الآيات المبينة لمفهوم المخالفة، في قوله: * (وهو مؤمن) * في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك، في سورة النحل، في الكلام على قوله تعالى * (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حيواة طيبة) *. وفي أول سورة الكهف، في الكلام على قوله تعالى: * (ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا) *. قوله تعالى: * (وتدعوننى إلى النار تدعوننى لاكفر بالله وأشرك به ما ليس لى به علم) *. الظاهر أن جملة قوله تدعونني لأكفر بالله، بدل من قوله: وتدعونني إلى النار، لأن الدعوة إلى الكفر بالله والإشراك به دعوة إلى النار.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الكفر والإشراك بالله مستوجب لدخول النار، بينه تعالى في آياته كثيرة من كتابه كقوله: * (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار) *، وقد قدمنا ما فيه كفاية من ذلك، في سورة الحج في الكلام على قوله تعالى: * (ومن يشرك بالله فكأنما خر من السمآء) *. قوله تعالى: * (فستذكرون مآ أقول لكم وأفوض أمرى إلى الله إن الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بأال فرعون سوء العذاب) *. التحقيق الذي لا شك فيه، أن هذا الكلام، من كلام مؤمن آل فرعون الذي ذكر الله عنه، وليس لموسى فيه دخل.
وقوله * (فستذكرون مآ أقول لكم) *، يعني أنهم يوم القيامة، يعلمون صحة ما كان يقول لهم، ويذكرون نصيحته، فيندمون حيث لا ينفع الندم، والآيات الدالة على مثل هذا من أن الكفار تنكشف لهم يوم القيامة حقائق ما كانوا يكذبون به في الدنيا كثيرة، كقوله تعالى: * (وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون) * وقوله تعالى: * (ولتعلمن نبأه بعد حين) *. وقوله تعالى: * (كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون) * وقوله تعالى: * (كلا سوف
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»