أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ١١٤
حديث الشعبي؛ لقولها فيه: فأجاز ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لا يحتاج إلى الإخبار بإجازته إلا الثلاث المجتمعة ورد الاستدلال بهذا الحديث بما ثبت في بعض الروايات الصحيحة كما أخرجه مسلم من رواية أبي سلمة أيضا: أن فاطمة أخبرته أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها آخر ثلاث تطليقات.
فهذه الرواية تفسر الروايات المتقدمة وتظهر أن المقصود منها أن ذلك وقع مفرقا لا دفعة ورد بعضهم هذا الاعتراض بأن الروايات المذكورة تدل على عدم تفريق الصحابة والتابعين بين صيغ البينونة الثلاث يعنون لفظ البتة والثلاث المجتمعة والثلاث المتفرقة؛ لتعبيرها في بعض الروايات بلفظ طلقني ثلاثا وفي بعضها بلفظ: طلقني البتة وفي بعضها بلفظ: فطلقني آخر ثلاث تطليقات. فلم تخص لفظا منها عن لفظ؛ لعلمها بتساوي الصيغ.
ولو علمت أن بعضها لا يحرم لاحترزت منه.
قالوا: والشعبي قال لها: حدثيني عن طلاقك أي: عن كيفيته وحاله. فكيف يسأل عن الكيفية ويقبل الجواب بما فيه عنده إجمال من غير أن يستفسر عنه وأبو سلمة روى عنها الصيغ الثلاث فلو كان بينه عنده تفاوت لاعترض عليها باختلاف ألفاظها. وتثبت حتى يعلم منها بأي الصيغ وقعت بينونتها فتركه لذلك دليل على تساوي الصيغ المذكورة عنده هكذا ذكره بعض الأجلاء.
والظاهر أن هذا الحديث لا دليل فيه؛ لأن الروايات التي فيها إجمال بينتها الرواية الصحيحة الأخرى كما هو ظاهر والعلم عند الله تعالى.
ومن أدلتهم ما رواه أبو داود والدارقطني وقال: قال أبو داود: هذا حديث حسن صحيح والشافعي والترمذي وابن ماجة وصححه ابن حبان والحاكم عن ركانة بن عبد الله أنه طلق امرأته سهيمة البتة فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. فقال: والله ما أردت إلا واحدة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما أردت إلا واحدة؟ فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلقها الثانية في زمان عمر بن الخطاب والثالثة في زمن عثمان فهذا الحديث صححه أبو داود وابن حبان والحاكم.
وقال فيه ابن ماجة: سمعت أبا الحسن علي بن محمد الطنافسي يقول: ما أشرف هذا الحديث.
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»