تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٣٧
تضاعيفه واستمروا على ذلك هذه المدة المتطاولة بعد ما كرر عليه الصلاة والسلام عليهم الدعوة مرارا فلم يزدهم دعاؤه إلا فرارا حسبما نطق به قوله تعالى رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا الآيات إذ هو الذي يعقبه الإنجاء والإغراق لا مجرد التكذيب «فأنجيناه والذين معه» من المؤمنين قيل كانوا أربعين رجلا وأربعين امرأة وقيل تسعة أبناؤه الثلاثة وستة ممن آمن به وقوله تعالى «في الفلك» متعلق بالاستقرار في الظرف أي استقروا معه في الفلك وصحبوه فيه أو بفعل الإنجاء أي أنجيناهم في السفينة ويجوز أن يتعلق بمضمر وقع حالا من الموصول أو من ضميره في الظرف «وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا» أي استمروا على تكذيبها وليس المراد بهم الملأ المتصدين للجواب فقط بل كان من أصر على التكذيب منهم ومن أعقابهم وتقديم ذكر الإنجاء على الإغراق للمسارعة إلى الإخبار به والإيذان بسبق الرحمة التي هي مقتضى الذات وتقدمها على الغضب الذي يظهر أثره بمقتضى جرائمهم «إنهم كانوا قوما عمين» عمي القلوب غير مستبصرين قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عميت قلوبهم عن معرفة التوحيد والنبوة والمعاد وقرئ عامين والأول أدل على الثبات والقرار «وإلى عاد» متعلق بمضمر معطوف على قوله تعالى أرسلنا في قصة نوح عليه السلام وهو الناصب لقوله تعالى «أخاهم» أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم أي واحدا منهم في النسب لا في الدين كقولهم يا أخا العرب وقيل العامل فيهما الفعل المذكور فيما سبق وأخاهم معطوف على نوحا والأول هو الأولى وأيا ما كان فلعل تقديم المجرور ههنا على المفعول الصريح للحذار عن الإضمار قبل الذكر يرشدك إلى ذلك ما سيأتي من قوله تعالى ولوطا الخ فإن قومه لما لم يعهدوا باسم معروف يقتضي الحال ذكره عليه السلام مضافا إليهم كما في قصة عاد وثمود ومدين خولف في النظم الكريم بين قصته عليه السلام وبين القصص الثلاث وقوله تعالى «هودا» عطف بيان لأخاهم وهو هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود ابن عاد بن عوص ابن أرم بن سام بن نوح عليه السلام وقيل هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن عم أبي عاد وإنما جعل منهم لأنهم أفهم لكلامه وأعرف بحاله في صدقه وأمانته وأقرب إلى اتباعه «قال» استئناف مبني على سؤال نشأ من حكاية إرساله عليه السلام إليهم كأنه فماذا قال لهم فقيل قال «قال يا قوم اعبدوا الله» اي وحدوه كما يعرب عنه قوله «ما لكم من إله غيره» فإنه استئناف جار مجرى البيان للعبادة المأمور بها والتعليل لها أو للأمر بها كأنه قيل خصوه بالعبادة ولا تشركوا به شيئا إذ ليس لكم إله سواه وغيره بالرفع صفة لإله باعتبار محله وقرئ بالجمر حملا له على لفظه «أفلا تتقون» إنكار واستبعاد لعدم اتقائهم عذاب الله تعالى بعد ما علموا ما حل بقوم نوح والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي ألا تتفكرون أو أتغفلون فلا تتقون فالتوبيخ على المعطوفين معا أو أتعلمون ذلك فلا تتقون فالتوبيخ على المعطوف فقط وفي سورة هود أفلا تعقلون ولعله عليه السلام خاطبهم بكل منهما وقد اكتفى بحكاية كل منهما في موطن عن حكايته في موطن آخر كما لم يذكر ههنا ما ذكر هناك من قوله تعالى إن أنتم إلا مفترون وقس على ذلك حال بقية ما ذكر وما لم يذكر من أجزاء القصة بل
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302