تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٥٨
لتفتدى منه بما لها وتختلع فقيل لهم «ولا تعضلوهن» عطفا على ترثوا ولا لتأكيد النفي والخطاب للأزواج والعضل الحبس والتضييق ومنه عضلت المرأة بولدها إذا اختنقت رحمها فخرج بعضه وبقى بعضه أي ولا أن تضيقوا عليهن «لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن» أي من الصداق بأن يدفعن إليكم بعضه اضطرارا فتأخذوه منهن وإنما لم يتعرض لفعلهن إيذانا بكونه بمنزلة العدم لصدوره عنهن اضطرارا وإنما عبر عن ذلك بالذهاب به لا بالأخذ ولا بالإذهاب للمبالغة في تقبيحه ببيان تضمنه لأمرين كل منهما محظور شنيع الأخذ والإذهاب منهن لأنه عبارة عن الذهاب مستصحبا به «إلا أن يأتين بفاحشة مبينة» على صيغة الفاعل من بين بمعنى تبين وقرئ على صيغة المفعول وعلى صيغة الفاعل من أبان بمعنى تبين أي بينة القبح من النشوز وشكاسة الخلق وإيذاء الزوج وأهلة بالبذاء والسلاطة ويعضده قراءة أبي إلا أن يفحشن عليكم وقيل الفاحشة الزنا وهو استثناء من أعم الأحوال أو أعم الأوقات أو أعم العلل أي ولا يحل لكم عضلهن في حال من الأحوال أو في وقت من الأوقات أو لعلة من العلل إلا في حال إتيانهن بفاحشة أو إلا في وقت إتيانهن أو إلا لإتيانهن بها فإن السبب حينئذ يكون من جهتهن وأنتم معذورن في طلب الخلع «وعاشروهن بالمعروف» خطاب للذين يسيئون العشرة معهن والمعروف مالا ينكره الشرع والمروءة والمراد ههنا النصفة في المبيت والنفقة والإجمال في المقال ونحو ذلك «فإن كرهتموهن» وسئمتم صحبتهن بمقتضى الطبيعة من غير أن يكون من قبلهن ما يوجب ذلك من الأمور المذكورة فلا تفارقوهن بمجرد كراهة النفس واصبروا على معاشرتهن «فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا» علة للجزاء أقيمت مقامه للإيذان بقوة استلزامها إياه كأنه قيل فإن كرهتموهن فاصبروا عليهن مع الكراهة فلعل لكم فيما تكرهونه خيرا كثيرا ليس فيما تحبونه وعسى تامة رافعة لما بعدها مستغنية عن تقدير الخبر أبي فقد قربت كراهتكم شيئا وجعل الله فيه خيرا كثيرا فإن النفس ربما تكره ما هو أصلح في الدين وأحمد عاقبة وأدنى إلى الخير وتحب ما هو بخلافة فليكن نظركم إلى ما فيه خير وصلاح دون ما تهوى أنفسكم وذكر الفعل الأول مع الاستغناء عنه وانحصار العلية في الثاني للتوسل إلى تعميم مفعوله ليفيد أن ترتيب الخير الكثير من الله تعالى ليس مخصوصا بمكروه دون مكروه بل هو سنة إلهية جارية على الإطلاق حسب اقتضاء الحكمة وان ما نحن فيه مادة من موادها وفيه من المبالغة في الحمل على ترك المفارقة وتعميم الإرشاد ما لا يخفي وقرى ويجعل مرفوعا على أنه خبر لمبتدأ محذوف والجملة حالية تقديره وهو أي ذلك الشئ يجعل الله فيه خيرا كثيرا وقيل تقديره والله يجعل بوضع المظهر موضع المضمر وتنوين خيرا لتفخيمه الذاتي ووصفه بالكثرة لبيان فخامته الوصفية والمراد به ههنا الولد الصالح وقيل الألفة والمحبة «وإن أردتم استبدال زوج» أي تزوج امرأة ترغبون فيها «مكان زوج» ترغبون عنها بأن تطلقوها «وآتيتم إحداهن» أي أحدى الزوجات فإن المراد بالزوج هو الجنس
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254