تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٩٤
بجماعتهم قال * خرجنا من البيتين لاحى مثلنا * بآيتنا نزجى النعاج المطافلا * واشتقاقها من أي لأنها تبين أيا من أي أو أوى إليه أي رجع وأصلها أوية أو أية فأبدلت عينها ألفا على غير قياس أو أوية أو أبيه كرمكة فأعلت أو آتية كقائلة فحذفت الهمزة تخفيفا «أولئك» إشارة إلى الموصوف باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة من الكفر والتكذيب وفيه إشعار بتميزهم بذلك الوصف تميزا مصححا للإشارة الحسية وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلتهم فيه وهو مبتدأ وقوله عز وجل «أصحاب النار» أي ملازموها وملابسوها بحيث لا يفارقونها خبرة والجملة خبر للموصول أو أسم الإشارة بدل من الموصول أو عطف بيان له وأصحاب النار خبر له وقوله تعالى «هم فيها خالدون» في حيز النصب على الحالية لورود التصريح به في قوله تعالى «أصحاب النار خالدين فيها» وقد جوز كونه حالا من النار لاشتماله على ضميرها والعامل معنى الإضافة أو اللام المقدرة أو في محل الرفع على أنه خبر آخر لأولئك على رأي من جوز وقوع الجملة خبرا ثانيا وفيها متعلق بخالدون والخلود في الأصل المكث الطويل وقد انعقد الاجماع على أن المراد به الدوام «يا بني إسرائيل» تلوين للخطاب وتوجيه له إلى طائفة خاصة من الكفرة المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم لتذكيرهم بفنون النعم الفائضة عليهم بعد توجيهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره بتذكير كلهم بالنعمة العامة لبني آدم قاطبة بقوله تعالى «وإذ قال ربك» الخ «وإذ قلنا للملائكة» الخ لأن المعنى كما أشير اليه بلغهم كلامي واذكر لهم إذ جعلنا أباهم خليفة في الأرض ومسجودا للملائكة عليهم السلام وشرفناه بتعليم الأسماء وقبلنا توبته والابن من البناء لأنه مبنى أبيه ولذلك ينسب المصنوع إلى صانعه فيقال أبو الحرب وبنت فكر وإسرائيل لقب يعقوب عليه السلام ومعناه بالعبرية صفوة الله وقيل عبد الله وقرئ إسرائيل بحذف الياء واسرال بحذفهما وإسرائيل بقلب الهمزة ياء وإسرائيل بهمزة مفتوحة وإسرائيل بهمزة مكسورة بين الراء واللام وتخصيص هذه الطائفة بالذكر والتذكير لما أنهم أوفر الناس نعمة وأكثرهم كفرا بها «اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم» بالتفكر فيها والقيام بشكرها وفيه اشعار بأنهم قد نسوها بالكلية ولم يخطروها بالبال لا أنهم أهملوا شكرها فقط وإضافة النعمة إلى ضمير الجلالة لتشريفها وإيجاب تخصيص شكرها به تعالى وتقييد النعمة بهم لما أن الإنسان مجبول على حب النعمة فإذا نظر إلى ما فاض عليه من النعم حمله ذلك على الرضا والشكر قيل أريد بها ما أنعم به على آبائهم من النعم التي سيجيء تفصيلها وعليهم من فنون النعم التي أجلها إدراك عصر النبي عليه السلام وقرئ اذكروا من الافتعال ونعمتي بإسكان الياء واسقاطها في الدرج وهو مذهب من لا يحرك الياء المكسور ما قبلها «وأوفوا بعهدي» بالإيمان والطاعة «أوف بعهدكم» بحسن الإثابة والعهد يضاف إلى كل واحد ممن يتولى طرفيه ولعل الأول مضاف إلى الفاعل والثاني إلى المفعول فإنه تعالى عهد إليهم بالإيمان والعمل الصالح
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271