تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٠١
بالتشديد للتكثير لأن المسالك كانت اثنى عشر بعدد الأسباط «فأنجيناكم» أي من الغرق بإخراجكم إلى الساحل كما يلوح به العدول إلى صيغة الأفعال بعد إيراد التخليص من فرعون بصيغة التفعيل وكذا قوله تعالى «وأغرقنا آل فرعون» أريد فرعون وقومه وإنما اقتصر على ذكرهم للعلم بأنه أولى به منهم وقيل شخصه كما روى أن الحسن رضى الله عنه كان يقول اللهم صل على آل محمد أي شخصه واستغنى بذكره عن ذكر قومه «وأنتم تنظرون» ذلك أو غرقهم وإطباق البحر عليهم أو انفلاق البحر عن طرق يابسة مذللة أو جثثهم التي قذفها البحر إلى الساحل أو ينظر بعضكم بعضا روى أنه تعالى أمر موسى عليه السلام أن يسرى ببني إسرائيل فخرج بهم فصبحهم فرعون وجنوده وصادفوهم على شاطئ البحر فأوحى الله تعالى إليه أن اضرب بعصاك البحر فضربه بها فظهر فيه اثنا عشر طريقا يابسا فسلكوها فقالوا نخاف أن يغرق بعض أصحابنا فلا نعلم ففتح الله تعالى فيها كوى فتراءوا وتسامعوا حتى عبروا البحر فلما وصل إليه فرعون فرآه منفلقا اقتحمه هو وجنوده فغشيهم ما غشيهم واعلم أن هذه الواقعة كما أنها لموسى معجزة عظيمة تخر لها أطم الجبال ونعمة عظيمة لأوائل بني إسرائيل موجبة عليهم شكرها كذلك اقتصاصها على ما هي عليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم معجزة جليلة تطمئن بها القلوب الأبية وتنقاد لها النفوس الغبية موجبة لأعقابهم أن يتلقوها بالإذعان فلا تأثرت أوائلهم بمشاهدتها ورؤيتها ولا تذكرت أو اخرهم بتذكيرها وروايتها فيالها من عصابة ما أعصاها وطائفة ما أطغاها «وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة» لما عادوا إلى مصر بعد مهلك فرعون وعد الله موسى عليه السلام أن يعطيه التوراة وضرب له ميقاتا ذا القعدة وعشر ذي الحجة وقيل وعد عليه السلام بنى إسرائيل وهو بمصر إن أهلك الله عدوهم أتاهم بكتاب من عند الله تعالى فيه بيان ما يأتون وما يذرون فلما هلك فرعون سأل موسى ربه الكتاب فامره بصوم ثلاثين وهو شهر ذي القعدة ثم زاد عشرا من ذي الحجة وعبر عنها بالليالي لأنها غرر الشهور وصيغة المفاعلة بمعنى الثلاثي وقيل على أصلها تنزيلا لقبول موسى عليه السلام منزلة الوعد وأربعين ليلة مفعول ثان لواعدنا على حذف المضاف أي بمقام أربعين ليلة وقرئ وعدنا «ثم اتخذتم العجل» بتسويل السامري الها ومعبودا وثم للتراخي الرتبي «من بعده» أي من بعد مضيه إلى الميقات على حذف المضاف «وأنتم ظالمون» بإشراككم ووضعكم للشئ في غير موضعه وهو حال من ضمير اتخذتم أو اعتراض تذييلي أي وأنتم قوم عادتكم الظلم «ثم عفونا عنكم» حين تبتم والعفو محو الجريمة من عفاة درسه وقد يجيء لازما قال * عرفت المنزل الخالي * عفا من بعد أحوال * عفاه كل هتان * كثير الوبل هطال * وقوله تعالى «من بعد ذلك» أي من بعد الاتخاذ الذي هو متناه في القبح للإيذان بكمال بعد العفو بعد تلك المرتبة من الظلم «لعلكم تشكرون» لكي تشكروا نعمة العفو وتستمروا بعد ذلك على الطاعة
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271