الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٢٤٩
لا يحمل من ذنوبه شيئا ويحمل عليها غيرها من ذنوبها شيئا انما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب يخشون النار والحساب في قوله ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه أي من عمل عملا صالحا فإنما يعمل لنفسه وفي قوله وما يستوي الآية قال خلق فضل بعضه على بعض فاما المؤمن فعبد حي الأثر حي البصر حي النية حي العمل والكافر عبد ميت الأثر ميت البصر ميت القلب ميت العمل * وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة وما يستوي الأعمى والبصير الآية قال هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن يقول كما لا يستوي هذا وهذا كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن * وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى رضي الله عنه في قوله وما يستوي الأعمى والبصير قال الكافر والمؤمن ولا الظلمات قال الكفر ولا النور قال الايمان ولا الظلل قال الجنة ولا الحرور قال النار وما يستوي الاحياء ولا الأموات قال المؤمن والكافر ان الله يسمع من يشاء قال يهدى من يشاء * وأخرج أبو سهل السرى ابن سهل الجنديسابوري الخامس من حديثه من طريق عبد القدوس عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله انك لا تسمع الموتى وما أنت بمسمع من في القبور قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف على القتلى يوم بدر ويقول هل وجدتم ما وعد ربكم حقا يا فلان بن فلان ألم تكفر بربك ألم تكذب نبيك ألم تقطع رحمك فقالوا يا رسول الله أيسمعون ما تقول قال ما أنتم بأسمع منهم لما أقول فأنزل الله انك لا تسمع الموتى وما أنت بمسمع من في القبور ومثل ضربه الله للكفار أنهم لا يسمعون لقوله * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وما أنت بمسمع من في القبور فكذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يسمع وفي قوله وان من أمة الا خلا فيها نذير يقول كل أمة قد كان لها رسول جاءها من الله وفي قوله وان يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم قال يعزى نبيه جاءتهم رسلهم بالبينات والزبر والكتاب ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير قال شديد والله لقد عجل لهم عقوبة الدنيا ثم صيرهم إلى النار * قوله تعالى (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء) الآية * أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ألم تر ان الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها قال أحمر وأصفر ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها أي جبال حمر وغرابيب سود والغرابيب السود يعنى لونه كما اختلفت ألوان هذه الجبال وألوان الناس والدواب والانعام كذلك انما يخشى الله من عباده العلماء قال كان يقال كفى بالرهبة علما * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ثمرات مختلفا ألوانها قال الأبيض والأحمر والأسود وفي قوله ومن الجبال جدد بيض قال طرائق بيض يعنى الألوان * وأخرج البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أيصبغ ربك قال نعم صبغا لا ينقض احمر واصفر وابيض * وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله جدد قال طرائق طريقة بيضاء وطريقة خضراء قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم اما سمعت الشاعر وهو يقول قد غادر السبع في صفحاتها جددا * كأنها طرق لاحت على أكم * وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ومن الجبال جدد بيض قال طرائق بيض وغرابيب سود قال جبال سود * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال الغربيب الأسود الشديد السواد * وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله مختلفا ألوانها منها الأحمر والأبيض والأخضر والأسود وكذلك ألوان الناس منهم الأحمر والأسود والأبيض وكذلك والدواب والانعام * وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله ومن الجبال جدد قال طرائق تكون في الجبل بيض وحمر فتلك الجدد وغرابيب سود قال جبال سود ومن الناس والدواب والانعام الآية قال كذلك اختلاف الناس والدواب والانعام كاختلاف الجبال ثم قال انما يخشى الله من عباده العلماء فلا فضل لما قبلها * وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ومن الجبال جدد بيض قال طرائق مختلفة كذلك اختلاف ما ذكر من اختلاف ألوان الناس والدواب والانعام كذلك كما اختلفت هذه الانعام تختلف الناس في خشية الله كذلك * وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال الخشية والايمان والطاعة والتشتت في الألوان * وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما انما يخشى الله من عباده العلماء قال العلماء بالله
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست