الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٢٠٢
زينب بنت جحش زوجته فاعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقالت ليس هو ههنا يا رسول الله فادخل فأبى ان يدخل فأعجبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فولى وهو يهمهم بشئ لا يكاد يفهم منه الا ربما أعلن سبحان الله العظيم سبحان مصرف القلوب فجاء زيد رضي الله عنه إلى منزله فأخبرته امرأته ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منزله فقال زيد رضي الله عنه الا قلت له ان يدخل قالت قد عرضت ذلك عليه فأبى قال فسمعت شيئا قالت سمعته حين ولى تكلم بكلام ولا أفهمه وسمعته يقول سبحان الله سبحان مصرف القلوب فجاء زيد رضي الله عنه حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله بلغني انك جئت منزلي فهلا دخلت يا رسول الله لعل زينب أعجبتك فأفارقها فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك زوجك فما استطاع زيد إليها سبيلا بعد ذلك اليوم فيأتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره فيقول أمسك عليك زوجك ففارقها زيد واعتزلها وانقضت عدتها فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس يتحدث مع عائشة رضي الله عنها إذ أخذته غشية فسرى عنه وهو يتبسم ويقول من يذهب إلى زينب فيبشرها ان الله زوجنيها من السماء وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك القصة كلها قالت عائشة رضي الله عنها فأخذني ما قرب وما بعد لما يبلغنا من جمالها وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها زوجها الله من السماء وقلت هي تفخر علينا بهذا * وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت لو كان النبي صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية وإذ تقول للذي أنعم الله عليه يعنى بالاسلام وأنعمت عليه بالعتق أمسك عليك زوجك إلى قوله وكان أمر الله مفعولا وان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها قالوا تزوج حليلة ابنه فأنزل الله تعالى ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تبناه وهو صغير فلبث حتى صار رجلا يقال له زيد بن محمد فأنزل الله ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله يعنى أعدل عند الله * وأخرج الحاكم عن الشعبي رضي الله عنه قال كانت زينب رضي الله عنها تقول للنبي صلى الله عليه وسلم أنا أعظم نسائك عليك حقا انا خيرهن منكحا وأكرمهن سترا وأقربهن رحما زوجنيك الرحمن من فوق عرشه وكان جبريل عليه السلام هو السفير بذلك وأنا بنت عمتك ليس لك من نسائك قريبة غيري * وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال كانت زينب تقول للنبي صلى الله عليه وسلم انى لأدل عليك بثلاث ما من نسائك امرأة تدل بهن ان جدي وجدك واحد وإني أنكحنيك الله من السماء وان السفير لجبريل عليه السلام * وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن أم سلمة رضي الله عنها عن زينب رضي الله عنها قالت انى والله ما أنا كأحد من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهن زوجن بالمهور وزوجهن الأولياء وزوجني الله ورسوله وأنزل في الكتاب يقرؤه المسلمون لا يغير ولا يبدل وإذ تقول للذين أنعم الله عليه الآية * وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قالت يرحم اله زينب بنت جحش لقد نالت في هذه الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شريف ان الله زوجها نبيه صلى الله عليه وسلم في الدنيا ونطق به القرآن * واخرج ابن سعد عن عصام الأحول ان رجلا من بنى أسد فاخر رجلا فقال الأسدي هل منكم امرأة زوجها الله من فوق سبع سماوات يعنى زينب بنت جحش * واخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن قتادة رضي الله عنه في قوله وإذ تقول للذي أنعم الله عليه قال زيد بن حارثة أنعم الله عليه بالاسلام وأنعمت عليه أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك زوجك واتق الله يا زيد بن حارثة قال جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله ان زينب قد اشتد على لسانها وأنا أريد ان أطلقها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اتق الله وأمسك عليك زوجك قال والنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها ويخشى قالة الناس ان أمره بطلاقها فأنزل الله وتخفى في نفسك ما الله مبديه قال كان يخفى في نفسه وذاته طلاقها قال قال الحسن رضي الله عنه ما أنزلت عليه آية كانت أشد عليه منها ولو كان كاتما شيئا من الوحي لكتمها وتخشى الناس قال خشى النبي صلى الله عليه وسلم قالة الناس فلما قضى زيد منها وطرا قال طلقها زيد زوجناكها فكانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول أما أنتن زوجكن آباؤكن وأما أنا فزوجني ذو العرش لكي
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست