الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ١٤٨
الكتاب يجدون في كتبهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يخط بيمينه ولا يقرأ كتابا فنزلت وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون قريش * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والإسماعيلي في معجمه عن ابن عباس في قوله وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ولا يكتب كان أميا وفي قوله بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم قال كان الله أنزل شأن محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل لأهل العلم وعلمه لهم وجعله لهم آية فقال لهم ان آية نبوته أن يخرج حين يخرج لا يعلم كتابا ولا يخطه بيمينه وهي الآيات البينات التي قال الله تعالى * وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقرأ كتابا قبله ولا يخطه بيمينه وكان أميا لا يكتب وفي قوله آيات بينات قال النبي آية بينة في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب قال وقال الحسن القرآن آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم يعنى المؤمنين * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب وكذلك جعل نعته في التوراة والإنجيل أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب وهي الآية البينة وهي قوله وما يجحد بآياتنا الا الظالمون قال يعنى صفته التي وصف لأهل الكتاب يعرفونه بالصفة * وأخرج البيهقي في سننه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله وما كنت تتلو من قبله من كتاب الآية قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ولا يكتب * قوله تعالى (أولم يكفهم) الآية * أخرج الدارمي وأبو داود في مراسيله وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن يحيى بن جعدة رضي الله عنه قال جاء ناس من المسلمين بكتب قد كتبوها فيها بعض ما سمعوه من اليهود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بقوم حمقا أو ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إليهم إلى ما جاء به غيره إلى غيرهم فنزلت أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم الآية * وأخرج الإسماعيلي في معجمه وابن مردويه من طريق يحيى ابن جعدة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتبون من التوراة فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أحمق الحمق وأضل الضلالة قوم رغبوا عما جاء به نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى نبي غير نبيهم وإلى أمة غير أمتهم ثم أنزل الله أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم الآية * وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في شعب الايمان عن الزهري أن حفصة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب من قصص يوسف في كتف فجعلت تقرؤه عليه والنبي صلى الله عليه وسلم يتلون وجهه فقال والذي نفسي بيده لو أتاكم يوسف وأنا بينكم فاتبعتموه وتركتموني لضللتم * وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن الضريس والحاكم في الكنى والبيهقي في شعب الايمان عن عبد الله بن ثابت بن الحرث الأنصاري قال دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب فيه مواضع من التوراة فقال هذه أصبتها مع رجل من أهل الكتاب أعرضها عليك فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيرا شديدا لم أر مثله قط فقال عبد الله بن الحارث لعمر رضي الله عنهما أما ترى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر رضي الله عنه رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لو نزل موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم انا حظكم من النبيين وأنتم حظي من الأمم * وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن أبي قلابة ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر برجل يقرأ كتابا فاستمعه ساعة فاستحسنه فقال للرجل اكتب لي من هذا الكتاب قال نعم فاشترى أديما فهيأه ثم جاء به إليه فنسخ له في ظهره وبطنه ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقرؤه عليه وجعل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلون فضرب رجل من الأنصار بيده الكتاب وقال ثكلتك أمك يا ابن الخطاب أما ترى ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اليوم وأنت تقرأ عليه هذا الكتاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك انما بعثت فاتحا وخاتما وأعطيت جوامع الكلم وفواتحه واختصر لي الحديث اختصارا فلا يهلكنكم المتهوكون * واخرج البيهقي وضعفه عن عمر بن الخطاب قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تعلم التوراة فقال لا تتعلمها وآمن بها وتعلموا ما أنزل إليكم وآمنوا به * وأخرج ابن الضريس عن الحسن ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يا رسول الله ان أهل الكتاب يحدثونا بأحاديث قد أخذت بقلوبنا وقد هممنا ان نكتبها فقال يا ابن
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست