الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١٢٩
حسن كان أهل الجاهلية يعملون به ويعظمونه ويخشونه الا أمر الله به وليس من خلق سئ كانوا يتعايرونه بينهم الا نهى الله عنه وقدم فيه وانما نهى عن سفاسف الأخلاق ومذامها * وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال دعاني عمر بن عبد العزيز فقال صف لي العدل فقلت بخ سالت عن أمر جسيم كن لصغير الناس أبا ولكبيرهم ابنا وللمثل منهم أخا وللنساء كذلك وعاقب الناس على قدر ذنوبهم وعلى قدر أجسادهم ولا تضربن بغضبك سوطا واحدا متعديا فتكون من العادين * وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال قال عيسى ابن مريم انما الاحسان ان تحسن إلى من أساء إليك والله أعلم * قوله تعالى (وأوفوا بعهد الله) الآية * أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مزيدة بن جابر في قوله تعالى وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم قال نزلت هذه الآية في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم كان من أسلم بايع على الاسلام فقال وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها فلا تحملنكم قلة محمد وأصحابه وكثرة المشركين ان تنقضوا البيعة التي بايعتم على الاسلام * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها قال تغليظها في الحلف وقد جعلتم الله عليكم كفيلا قال وكيلا * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها يقول بعد تشديدها وتغليظها * وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها يعنى بعد تغليظها وتشديدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا يعنى في العهد شهيدا والله أعلم بالصواب * قوله تعالى (ولا تكونوا كالتي نقضت) الآية * أخرج ابن أبى حاتم عن أبي بكر بن حفص قال كانت سعيدة الأسدية مجنونة تجمع الشعر والليف فنزلت هذه الآية ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها الآية * وأخرج ابن مردويه من طريق عطاء بن أبي رباح قال قال لي ابن عباس يا عطاء الا أريك امرأة من أهل الجنة فأراني حبشية صفراء قال هذه أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إن بي هذه الموتة يعنى الجنون فادع الله ان يعافيني فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ان شئت دعوت الله فعافاك وان شئت صبرت واحتسبت ولك الجنة فاختارت الصبر والجنة قال وهذه المجنونة سعيدة الأسدية وكانت تجمع الشعر والليف فنزلت هذه الآية ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها الآية * وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن كثير في قوله ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها قال خرقاء كانت بمكة تنقضه بعد ما تبرمه * وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن السدى في قوله ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها قال كانت امرأة بمكة كانت تسمى خرقاء مكة كانت تغزل فإذا أبرمت غزلها تنقضه * وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم وابن جرير عن مجاهد في قوله ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها قال نقضت حبلها بعد ابرامها إياه * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال لو سمعتم بامرأة نقضت غزلها من بعد ابرامه لقلتم ما أحمق هذه وهذا مثل ضربه الله لمن نكث عهده وفى قوله تتخذون أيمانكم دخلا بينكم قال خيانة وغدرا * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أن تكون أمة هي أربى من أمة قال ناس أكثر من ناس * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله أن تكون أمة هي أربى من أمة قال كانوا يحالفون الحلفاء فيجدون أكثر منهم وأعز فينقضون حلف هؤلاء ويحالفون هؤلاء الذين هم أعز فنهوا عن ذلك * وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد ابن جبير رضي الله عنه في الآية قال ولا تكونوا في نقض العهد بمنزلة التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا يعنى بعدما أبرمته تتخذون أيمانكم يعنى العهد دخلا بينكم يعنى بين أهل العهد يعنى مكرا أو خديعة ليدخل 7 العلة فيستحل به نقض العهد ان تكون أمة هي أربى من أمة يعنى أكثر انما يبلوكم الله به يعنى بالكثرة وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة يعنى المسلمة والمشركة أمة واحدة يعنى ملة الاسلام وحدها ولكن يضل من يشاء يعنى عن دينه وهم المشركون ويهدى من يشاء يعنى المسلمين ولتسئلن يوم القيامة عما كنتم تعملون ثم ضرب مثلا آخر للناقض العهد فقال ولا تتخذوا أيمانكم يعنى العهد دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها يقول إن ناقض العهد يزل في دينه كما يزل قدم الرجل بعد الاستقامة وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله يعنى العقوبة ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا يعنى عرضا من الدنيا يسيرا انما عند الله يعنى الثواب هو خير
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست