الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٥
البقر على أولادها ينادون يا لبيك يا لبيك فاقبل المسلمون فاقتتلوا هم والكفار وارتفعت الأصوات وهم يقولون يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار ثم قصرت الدعوة على بنى الحرث بن الخزرج فتطاول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته فقال هذا حين حمى الوطيس ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال انهزموا ورب الكعبة فذهبت أنظر فإذا القتال على هينته فيما أرى فما هو الا ان رماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصيات فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا حتى هزمهم الله عز وجل * وأخرج الحاكم وصححه عن جابر رضي الله عنه قال ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين الأنصار فقال يا معشر الأنصار فأجابوه لبيك بأبينا أنت وأمنا يا رسول الله قال أقبلوا بوجوهكم إلى الله ورسوله يدخلكم جنات تجرى من تحتها الانهار فاقبلوا ولهم حنين حتى أحدقوا به كبكبة تحاك مناكبهم يقاتلون حتى هزم الله المشركين * وأخرج أبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال لما اجتمع يوم حنين أهل مكة وأهل المدينة أعجبتهم كثرتهم فقال القوم اليوم والله نقاتل فلما التقوا واشتد القتال ولوا مدبرين فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار فقال يا معشر المسلمين إلى عباد الله أنا رسول الله فقالوا إليك والله جئنا فنكسوا رؤسهم ثم قاتلوا حتى فتح الله عليهم * وأخرج الحاكم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وبرة من بعير ثم قال أيها الناس انه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم قدر هذه الا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط والمخيط وإياكم والغلول فإنه عار على أهل يوم القيامة وعليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به الهم والغم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الأنفال ويقول ليرد قوى المؤمنين على ضعيفهم * وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال رأيتنا يوم حنين وان الفئتين لموليتان وعن عكرمة قال لما كان يوم حنين ولى المسلمون وولى المشركون وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنا محمد رسول الله ثلاث مرات والى جنبه عمه العباس فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه يا عباس أذن يا أهل الشجرة فأجابوه من كل مكان لبيك لبيك حتى أظلوه برماحهم ثم مضى فوهب الله له الظفر فأنزل الله ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم الآية * وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن عبيد الله بن عمير الليثي رضي الله عنه قال كان مع النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف من الأنصار وألف من جهينة وألف من مزينة وألف من أسلم وألف من غفار وألف من أشجع وألف من المهاجرين وغيرهم فكان معه عشرة آلاف وخرج باثني عشر ألفا وفيها قال الله تعالى في كتابه ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا * وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه انه قيل له هل كنتم وليتم يوم حنين قال والله ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسرا ليس عليهم سلاح فلقوا جمعا رماة هوازن وبنى النضر ما يكاد يسقط لهم سهم فرشقوهم رشقا ما كادوا يخطئون فاقبلوا هنالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته البيضاء وابن عمه أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب يقود به فنزل ودعا واستنصر ثم قال أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ثم صف أصحابه * وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى رضي الله عنه في قوله وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا قال قتلهم بالسيف * وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال في يوم حنين أمد الله رسوله الله صلى الله عليه وسلم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ويومئذ سمى الله تعالى الأنصار مؤمنين قال ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين * وأخرج ابن إسحاق وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل البجاد الأسود أقبل من السماء حتى سقط بين القوم فنظرت فإذا نمل أسود مبثوث قد ملا الوادي لم أشك انها الملائكة عليهم السلام ولم يكن الا هزيمة القوم * وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله وعذب الذين كفروا قال بالهزيمة * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبزى رضي الله عنه في قوله وعذب الذين كفروا قال بالهزيمة والقتل وفى قوله ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء قال على الذين انهزموا عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين * وأخرج ابن سعد والبخاري في التاريخ والحاكم وصححه والبيهقي
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست