الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٤
قال هذا مما يمن الله به عليهم من نصره إياهم في مواطن كثيرة * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال حنين ماء بين مكة والطائف قاتل النبي صلى الله عليه وسلم هوازن وثقيف وعلى هوازن مالك بن عوف وعلى ثقيف عبد يا ليل بن عمرو الثقفي * وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم أقام عام الفتح نصف شهر ولم يزد على ذلك حتى جاءته هوازن وثقيف فنزلوا بحنين وحنين واد إلى جنب ذي المجاز * وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال لما اجتمع أهل مكة وأهل المدينة قالوا الآن والله نقاتل حين اجتمعنا فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالوا وما أعجبهم من كثرتهم فالتقوا فهزمهم الله حتى ما يقوم منهم أحد على أحد حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادى أحياء لعرب إلى فوالله ما يعرج إليه أحد حتى أعرى موضعه فالتفت إلى الأنصار وهم ناحية فناداهم يا أنصار الله وأنصار رسوله إلى عباد الله انا رسول الله فعطفوا وقالوا يا رسول الله ورب الكعبة إليك والله فنكسوا رؤسهم يبكون وقدموا أسيافهم يضربون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله عليهم * وأخرج البيهقي في الدلائل عن الربيع رضي الله عنه ان رجلا قال يوم حنين لن نغلب من قلة فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم قال الربيع وكانوا اثنى عشر ألفا منهم ألفان من أهل مكة * وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد والبغوي في معجمه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي عبد الرحمن الفهري رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنين فسرنا في يوم قائظ شديد الحر فنزلنا تحت ظلال الشجر فلما زالت الشمس لبست لامتي وركبت فرسي فاتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته قد حان الرواح يا رسول الله قال أجل ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال فثار من تحت سمرة كان ظله ظل طائر فقال لبيك وسعديك وانا فداؤك ثم قال أسرج لي فرسي فاتاه بدفتين من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر قال فركب فرسه ثم سرنا يومنا فلقينا العدو وتشامت الخيلان فقاتلناهم فولى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا عباد الله انا عبد الله ورسوله فاقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسه وحدثني من كان أقرب إليه منى انه أخذ حفنة من تراب فحثاها في وجوه القوم وقال شاهت الوجوه قال يعلى بن عطاء رضي الله عنه فأخبرنا أبناؤهم عن آبائهم انهم قالوا ما بقى منا أحد الا امتلأت عيناه وفمه من التراب وسمعنا صلصلة من السماء كمر الحديد على الطست الحديد فهزمهم الله عز وجل * وأخرج الطبراني والحاكم وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فولى الناس عنه وبقيت معه في ثمانين رجلا من المهاجرين والأنصار فكنا على أقدامنا نحوا من ثمانين قدما ولم نولهم الدبر وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته فمضى قدما فقال ناولني كفا من تراب فناولته فضرب وجوههم فامتلأت أعينهم ترابا وولى المشركون أدبارهم * وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس رضي الله عنه ان هوازن جاءت يوم حنين بالنساء والصبيان والإبل والغنم فجعلوهم صفوفا ليكثروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتقى المسلمون والمشركون فولى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباد الله انا عبد الله ورسوله ثم قال يا معشر الأنصار انا عبد الله ورسوله فهزم الله المشركين ولم يضرب بسيف ولم يطعن برمح * وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وأحمد ومسلم والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وما معه الا أنا وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب فلزمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه وهو على بغلته الشهباء التي أهداها له فروة بن معاوية الجذامي فلما التقى المسلمون والمشركون ولى المسلمون مدبرين وطفق النبي صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار وأنا آخذ بلجامها أكفها إرادة ان لا تسرع وهو لا يألو ما أسرع نحو المشركين وأبو سفيان بن الحرث آخذ بغرز رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباس ناديا أصحاب السمرة يا أصحاب سورة البقرة فوالله لكأني عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست