تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ١٨٤
به، حلالا كان أو حراما، و (ينفقون): معناه هنا: يؤتون ما ألزمهم الشرع من زكاة، وما ندبهم إليه من غير ذلك.
(و الذين يؤمنون بما أنزل إليك و ما أنزل من قبلك و بالآخرة هم يوقنون (4) أولئك على هدى من ربهم و أولئك هم المفلحون (5) إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (6) ختم الله على قلوبهم و على سمعهم و على أبصارهم غشاوة و لهم عذاب عظيم (7)) قوله تعالى: (والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون * أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون): اختلف المتأولون من المراد بهذه الآية والتي قبلها، فقال قوم: الآتيان جميعا في جميع المؤمنين، وقال آخرون: هما في مؤمني أهل الكتاب، وقال آخرون: الآية الأولى في مؤمني العرب، والثانية في مؤمني أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام (1)، وفيه نزلت.

رده، فدل ذلك على أن الحرام لا يكون رزقا.
ثالثها: استدلوا بقوله تعالى: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما و حلالا قل الله أذن لكم) [يونس: 59]. فبين سبحانه أن من حرم رزق الله فهو مفتر على الله، فثبت أن الحرام لا يكون رزقا.
و أما السنة، فما رواه أبو الحسين البصري بإسناده عن صفوان بن أمية قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إذ جاءه عمرو بن قرة، فقال له: يا رسول الله! إن الله كتب علي الشقوة، فلا أراني أرزق إلا من دفي بكفي، فائذن لي في الغناء من غير فاحشة، فقال عليه السلام " لا إذن لك و لا كرامة و لا نعمة، كذبت، أي عدو الله: لقد رزقك الله رزقا طيبا فاخترت ما حرم الله عليك من رزقه مكان ما أحل الله لك من حلاله، أما إنك لو قلت بعد هذه المقدمة شيئا ضربتك ضربا وجيعا " و أما المعنى، فإن الله تعالى منع المكلف من الانتفاع بالحرام، و أمر غير بمنعه من الانتفاع به، و من منع من أخذ الشئ و الانتفاع به لا يقال: إنه رزقه إياه، ألا ترى أنه لا يقال: إن السلطان قد رزق جنده مالا قد منعهم من أخذه، و إنما يقال: إنه رزقهم ما مكنهم من أخذه و لا يمنعهم منه و لا أمر بمنعهم منه، أجاب أصحابنا عن التمسك بالآيات بأنه و إن كان الكل من الله، لكنه كما يقال: يا خالق المحدثات و العرش و الكرسي، و لا يقال: يا خالق الكلاب و الخنازير، و قال: (عينا يشرب بها عباد الله) [الإنسان: 6] فخص اسم العباد بالمتقين، و إن كان الكفار أيضا من العباد، و كذلك هاهنا خص اسم الرزق بالحلال على سبيل التشريف و إن كان الحرام رزقا أيضا، و أجابوا عن التمسك بالخبر بأنه حجة لنا، لأن قوله عليه السلام: " فاخترت ما حرم الله عليك من رزقه " صريح في أن الرزق قد يكون حراما. و أجابوا عن المعنى بأن هذه المسألة محض اللغة، و هو أن الحرام هل يسمى رزقا أم لا؟ و لا مجال للدلائل العقلية في الألفاظ. و الله أعلم. ينظر:
" الفخر الرازي " (2 / 28، 29).
(1) هو: عبد الله بن سلام بن الحارث.. من ذرية يوسف (عليه السلام). أبو يوسف، حليف النوافل من الخزرج " الإسرائيلي "، الأنصاري.
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 5
2 المبحث الأول: نبذة عن حياة الثعالبي - اسمه وكنيته ولقبه - رحلاته وشيوخه 9
3 1 - محمد بن خلفه بن عمر التونسي 12
4 2 - ولي الدين العراقي 13
5 3 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر مرزوق 14
6 4 - أبو القاسم بن أحمد بن محمد المعتل البلوي 17
7 5 - علي بن عثمان بن المنجلاتي 19
8 6 - احمد النقاوسي البجاني 19
9 7 - عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد الغبريني 19
10 8 - سليمان بن الحسن البوزيدي 20
11 9 - محمد بن علي بن جعفر الشمس 21
12 10 - عمر بن محمد القلشاني 22
13 11 - علي بن موسى البجائي 22
14 12 - البساطي 23
15 13 - أبو الحسن علي بن محمد البليليتي 23
16 14 - أبو يوسف يعقوب الزغبي - شيوخه الدين لم يذكره في رحلته 23
17 1 - عبد الله بن مسعود التونسي 23
18 2 - عبد العزيز بن موسى بن معطي العبدوسي 24
19 3 - عبد الواحد الغرياني - تلاميذه 25
20 1 - محمد بن محمد بن أحمد بن الخطيب 25
21 2 - محمد بن يوسف بن عمر شعيب السوسني 26
22 3 - أبو العباس أحمد بن عبد الله الجزائري الزواوي 29
23 4 - محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي 30
24 5 - علي بن محمد التالوتي الأنصاري 32
25 6 - علي بن عباد التستري البكري 33
26 7 - أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي القاسي الشهير بزروق 33
27 - مصنفات الثعالبي 36
28 - ثناء العلماء عليه 38
29 - المبحث الثاني: التفسير قبل أبي زيد الثعالبي 40
30 - التفسير لغة 40
31 - التفسير اصطلاحا 41
32 - التأويل لغة 42
33 - التأويل اصطلاحا 43
34 - الفرق بين التفسير والتأويل 44
35 - حاجة الناس إلى التفسير 46
36 - فهم الصحابة للقران الكريم 50
37 - أشهر مفسري القران من الصحابة 52
38 1 - علي بن أبي طالب 52
39 2 - عبد الله بن مسعود 53
40 3 - أبي بن كعب 55
41 4 - عبد الله بن عباس 56
42 - طرق الرواية عن ابن عباس 59
43 - قيمة التفسير المأثور عن الصحابة 60
44 - مدرسة مكة: تلاميذ ابن عباس 62
45 1 - سعيد بن جبير 62
46 2 - مجاهد بن جبر 66
47 3 - عكرمة 67
48 4 - طاووس 70
49 - مدرسة المدينة: تلاميذ أبي بن كعب 74
50 1 - أبو العالية 74
51 2 - محمد بن كعب القرظي 75
52 3 - زيد بن أسلم 75
53 - مدرسة العراق: تلاميذ عبد الله بن مسعود 76
54 1 - علقمة بن قيس 76
55 2 - مسروق 77
56 3 - عامر الشعبي 77
57 4 - الحسن البصري 78
58 5 - قتادة 79
59 - قيمة التفسير المأثور عن التابعين 81
60 - سمات التفسير في تلك المرحلة 82
61 - التفسير في عصر التدوين 82
62 - اقسام التفسير 83
63 - الاتجاه الأثري في التفسير 83
64 - ابن جرير الطبري 84
65 - طريقة الطبري في التفسير 85
66 - الاتجاه اللغوي 86
67 - الاتجاه البياني 88
68 المبحث الثالث: الكلام على تفسير الثعالبي 91
69 1 - مصادر من كتب التفسير 91
70 2 - كتب غريب القران والحديث 94
71 3 - المصادر التي اعتمد عليها من كتب السنة 95
72 4 - كتب الترغيب والترهيب 95
73 5 - كتب في الاحكام الفقهية والأصولية 96
74 6 - كتب الخصائص والشمائل 96
75 8 - في الأسماء والصفات 97
76 9 - ومن كتب التاريخ 97
77 10 - كتب أخرى منثورة 97
78 - منهج الامام الثعالبي في تفسيره 98
79 1 - جمعة بين التفسير بالمأثور والرأي 99
80 2 - تعرضه لمسائل في أصول الدين 100
81 3 - مسائل أصول الفقه في تفسير 101
82 4 - تعرضه لايات الاحكام 102
83 5 - احتجاجه باللغة والمسائل النحوية 103
84 6 - ذكره لأسباب النزول 104
85 7 - ذكره للقراءات الواردة في الآية 105
86 8 - احتجاجه بالشعر 108
87 9 - موقفه من الإسرائيليات 109
88 - وصف النسخ المعتمد عليها في كتاب تفسير الثعالبي 113
89 - نماذج من صور مخطوطات الكتاب 115
90 - مقدمة المؤلف 117
91 - باب في فضل القران 123
92 - باب في فضل تفسير القران واعرابه 135
93 - فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القران والجرأة عليه ومراتب المفسرين 138
94 - فصل: انزل القران على سبعة أحرف 145
95 - فصل في ذكر الألفاظ التي في القران مما للغات العجم بها تعلق 148
96 - باب تفسير أسماء القران وذكر السورة والآية 150
97 - باب في الاستعاذة 154
98 - باب في تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم) 156
99 - تفسير فاتحة الكتاب 161
100 - تفسير سورة البقرة 174