التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٢
لها وكذلك قولهما أتينا طائعين عبارة عن أنهما لم يمتنعا عليه حين أراد تكوينهما وقيل بل ذلك حقيقة وأنطق الله الأرض والسماء بقولهما أتينا طائعين وإنما جمع العقلاء طائعين جمع لوصفهما بأوصاف العقلاء * (فقضاهن سبع سماوات) * أي صنعهن والضمير للسموات السبع وانتصابها على التمييز تفسيرا للضمير وأعاد عليها ضمير الجماعة المؤنثة لأنها لا تعقل فهو كقولك الجذوع انكسرت وجمعهما جمع المفكر العاقل في قوله طائعين لأنه وصفهما بالطوع وهو فعل العقلاء فعاملهما معاملتهم فهو كقولك رأيتهم لي ساجدين وأعاد ضمير التثنية في قوله قالتا أتينا لأنه جعل الأرض فرقة والسماء أخرى * (وأوحى في كل سماء أمرها) * أي أوحى إلي سكانها من الملائكة وإليها نفسها ما شاء من الأمور التي بها قوامها وصلاحها وأضاف الأمر إليها لأنه فيها * (وزينا السماء الدنيا بمصابيح) * يعني الشمس والقمر والنجوم وهي زينة للسماء الدنيا سواء كانت فيها أو فيما فوقها من السماوات * (وحفظا) * تقديره وحفظناها حفظا ويجوز أن يكون مفعولا من أجله على المعنى كأنه قال وخلقنا المصابيح زينة وحفظا (فإن أعرضوا) الضمير لقريش * (صاعقة) * يعني واقعة واحدة شديدة وهي مستعارة من صاعقة النار وقرئ صعقة بإسكان العين وهي الواقعة من قولك صعق الرجل * (إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم) * معنى ما بين الأيدي المتقدم ومعنى ما خلف المتأخر فمعنى الآية أن الرسل جاؤهم في الزمان المتقدم واتصلت نذارتهم إلى زمان عاد وثمود حتى قامت عليهم الحجة بذلك من بين أيديهم ثم جاءتهم رسل آخرون عند اكتمال أعمارهم فذلك من خلفهم قاله ابن عطية وقال الزمخشري معناه أتوهم من كل جانب فهو عبارة عن اجتهادهم في التبليغ إليهم وقيل أحبروهم بما أصاب من قبلهم فذلك ما بين أيديهم وأنذروهم ما يجرى عليهم في الزمان المستقبل وفي الآخرة فذلك من خلفهم " أن لا تعبدوا إلا الله " أن حرف عبارة وتفسير أو مصدرية على تقدير بأن لا تعبدوا إلا الله (فإنا بما أرسلتم به كافرون) ليس فيه اعتراف الكفار بالرسالة وإنما معناه بما أرسلتم على قولكم ودعواكم وفيه تهكم * (ريحا صرصرا) * قيل إنه من الصر وهو شدة البرد فمعناه باردة وقيل إنه من قولك صرصر إذا صوت فمعناه لها صوت هائل * (في أيام نحسات) * معناه من النحس وهو ضد السعد وقيل شديدة البرد وقيل متتابعة والأول أرجح وروي أنها كانت آخر شوال من الأربعاء وقرئ نحسات بإسكان الحاء وكسرها فأما الكسر فهو جمع نحس وهو صفة وأما الإسكان فتخفيف من الكسر على وزن فعل أو وصف بالمضدر * (وأما ثمود فهديناهم) * أي بينا لهم فهو بمعنى البيان لا بمعنى الارشاد * (فهم يوزعون) * أي يدفعون بعنف
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»