التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٨
الولد لا يكون إلا من جنس والده والله تعالى متعال عن الأجناس لأنه مبدعها فلا يصح أن يكون له ولد والآخر أن الله خلق السماوات والأرض ومن كان هكذا فهو غني عن الولد وعن كل شيء * (فاعبدوه) * مسبب عن مضمون الجملة أي من كان هكذا فهو المستحق للعبادة وحده * (لا تدركه الأبصار) * يعني في الدنيا وأما في الآخرة فالحق أن المؤمنين يرون ربهم بدليل قوله إلى ربها ناظرة وقد جاءت في ذلك أحاديث صحيحة صريحة لا تحتمل التأويل وقال الأشعرية إن رؤية الله تعالى في الدنيا جائزة عقلا لأن موسى سألها من الله ولا يسأل موسى ما هو محال وقد اختلف الناس هل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء أم لا * (وهو يدرك الأبصار) * قال بعضهم الفرق بين الرؤية والإدراك أن الإدراك يتضمن الإحاط بالشيء والوصول إلى غايته فلذلك نفى أن تدرك أبصار الخلق ربهم ولا يقتضي ذلك نفي الرؤية وحسن على هذا قوله وهو يدرك الأبصار لإحاطة علمه تعالى بالخفيات * (اللطيف الخبير) * أي لطيف عن أن تدركه الأبصار وهو الخبير بكل شيء وهو يدرك الأبصار * (قد جاءكم بصائر) * جمع بصيرة وهو نور القلب والبصر نور العين وهذا الكلام على لسان النبي صلى الله عليه وسلم وما أنا عليكم بحفيظ * (وليقولوا) * متعلق بمحذوف تقديره ليقولوا صرفنا الآيات * (درست) * بإسكان السين وفتح التاء درست العلم وقرأته ودارست بالألف أي دارست العلم وتعلمت منه ودرست بفتح السين وإسكان التاء بمعنى قدمت هذه الآيات ودبرت * (ولنبينه) * الضمير للآيات وجاء مذكرا لأن المراد بها القرآن * (وأعرض عن المشركين) * إن كان معناه أعرض عما يدعونك إليه أو عن مجادلتهم فهو محكم وإن كان عن قتالهم وعقابهم فهو منسوخ وكذلك ما أنا عليكم بحفيظ وبوكيل * (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله) * أي لا تسبوا آلهتهم فيكون ذلك سببا لأن يسبوا الله واستدل المالكية بهذا على سد الذرائع * (قل إنما الآيات عند الله) * أي هي بيد الله لا بيدي * (وما يشعركم) * أي ما يدريكم وهو من الشعور بالشيء وما نافية أو استفهامية * (أنها إذا جاءت لا يؤمنون) * من قرأ بفتح أنها فهو معمول يشعركم أي ما يدريكم أن الآيات إذا جاءتهم لا يؤمنون بها نحن نعلم ذلك وأنتم لا تعلمونه وقيل لا زائدة والمعنى ما يشعركم أنهم يؤمنون وقيل أن هنا بمعنى لعل فمن قرأ بالكسر فهي استئناف إخبار وتم الكلام في قوله وما يشعركم أي ما يشعركم ما يكون منهم فعلى القراءة بالكسر يوقف على ما يشعركم وأما على القراءة
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»