دقائق التفسير - ابن تيمية - ج ٣ - الصفحة ١٥٨
ومن هنا اشتبهت هذه الآية على من جعل الخطاب فيها للانسان وفسر معنى قوله * (فما يكذبك) * فما يجعلك مكذبا وعبارة آخرين فما يجعلك كذابا قال ابن عطية وقال جمهور من المفسرين المخاطب الانسان الكافر أي ما الذي يجعلك كذابا بالدين تجعل لله أندادا وتزعم أنه لا بعث بعد هذه الدلائل (قلت) وكلا القولين غير معروف في لغة العرب أن يقول كذبك أي جعلك مكذبا بل كذبك جعلك كذابا وما قيل جعلك كاذبا أي كاذبا فيما يخبر به كما جعل الكفار الرسل كاذبين فيما أخبروا به فكذبوهم وهذا يقول جعلك كاذبا بالدين فجعل كذبه أنه أشرك وأنه أنكر المعاد وهذا ضد الذي ينكر ذاك جعله مكذباا بالدين وهذا جعله كاذبا بالدين والأول فاسد من جهة العربية والثاني فاسد من جهة المعنى فان الدين هو الجزاء الذي كذب به الكافر والكافر كذب به لم يكذب هو به وأيضا فلا يعرف في الخبر أن يقال كذبت به بل يقال كذبته وأيضا فالمعروف في كذبه أي نسبه إلى الكذب لا أنه جعل الكذب فيه فهذا كله تكلف لا يعرف في اللغة بل المعروف خلافه وهو لم يقل فما يكذبك ولا قال فما كذبك ولهذا كان علماء العربية على القول الثاني قال ابن عطية واختلف في المخاطب بقوله * (فما يكذبك) * فقال قتادة والفراء والأخفش هو محمد صلى الله عليه وسلم قال الله له فما
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 » »»