مبلغ التواتر، ولما لم يكن الأمر كذلك ظهر ضعفه، فهذا جملة كلام من أنكر المسح على الخفين. وأما الفقهاء فقالوا: ظهر عن بعض الصحابة القول به ولم يظهر من الباقين إنكار، فكان ذلك إجماعا من الصحابة، فهذا أقوى ما يقال فيه. وقال الحسن البصري: حدثني سبعون من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين، وأما إنكار ابن عباس رضي الله عنهما فروي أن عكرمة روى ذلك عنه، فلما سئل ابن عباس عنه فقال: كذب علي. وقال عطاء: كان ابن عمر يخالف الناس في المسح على الخفين لكنه لم يمت حتى وافقهم، وأما عائشة رضي الله عنها فروي أن شريح بن هانئ قال: سألتها عن مسح الخفين فقالت: اذهب إلى علي فاسأله فإنه كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم في أسفاره، قال: فسألته فقال امسح، وهذا يدل على أن عائشة تركت ذلك الإنكار. المسألة الحادية والأربعون: رجل مقطوع اليدين والرجلين سقط عنه هذان الفرضان وبقي عليه غسل الوجه ومسح الرأس. فإن لم يكن معه من يوضئه أو ييممه يسقط عنه ذلك أيضا، لأن قوله تعالى: * (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) * مشروط بالقدرة عليه لا محالة، فإذا فاتت القدرة سقط التكليف، فهذا جملة ما يتعلق من المسائل بآية الوضوء. قوله تعالى: * (وإن كنتم جنبا فاطهروا) * قال الزجاج: معناه فتطهروا، إلا أن التاء تدغم في الطاء لأنهما من مكان واحد، فإذا أدغمت التاء في الطاء سكن أول الكلمة فزيد فيها ألف الوصل ليبتدأ بها. فقيل: اطهروا. واعلم أنه تعالى لما ذكر كيفية الطهارة الصغرى ذكر بعدها كيفية الطهارة الكبرى، وهي الغسل من الجناية وفيه مسائل:
المسألة الأولى: لحصول الجناية سببان: الأول: نزول المني، قال عليه الصلاة والسلام: " إنما الماء من الماء " والثاني: التقاء الختانين، وقال زيد بن ثابت ومعاذ وأبو سعيد الخدري: لا يجب الغسل إلا عند نزول الماء. لنا قوله عليه الصلاة والسلام: " إذا التقى الختانان وجب الغسل ". واعلم أن ختان الرجل هو الموضع الذي يقطع منه جلدة القلفة، وأمات ختان المرأة فاعلم أن شفريها محيطان بثلاثة أشياء: ثقبة في أسفل الفرج وهو مدخل الذكر ومخرج الحيض والولد، وثقبة أخرى فوق هذه مثل إحليل الذكر وهي مخرج البول لا غير، والثالث، فوق ثقبة البول موضع