هو واجب. لنا أنه تعالى ذكر الأيدي والأرجل ولم يذكر فيه تقديم اليمنى على اليسرى، وذلك يدل على أن الواجب هو غسل اليدين بأي صفة كان والله أعلم. المسألة الثالثة والثلاثون: السنة أن يصب الماء على الكف بحيث يسيل الماء من الكف إلى المرفق، فإن صب الماء على المرفق حتى سال الماء إلى الكف، فقال بعضهم: هذا لا يجوز لأنه تعالى قال: * (وأيديكم إلى المرافق) * فجعل المرافق غاية الغسل، فجعله مبدأ الغسل خلاف الآية فوجب أن لا يجوز. وقال جمهور الفقهاء: أنه لا يخل بصحة الوضوء إلا أنه يكون تركا للسنة. المسألة الرابعة والثلاثون: لو نبت من المرفق ساعدان وكفان وجب غسل الكل لعموم قوله * (وأيديكم إلى المرافق) * كما أنه لو نبت على الكف أصبع زائدة فإنه يجب غسلها بحكم هذه الآية. المسألة الخامسة والثلاثون: قوله تعالى: * (إلى المرافق) * يقتضي تحديد الأمر لا تحديد المأمور به، يعني أن قوله * (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) * أكر بغسل اليدين إلى المرفقين، فإيجاب الغسل محدود بهذا الحد، فبقي الواجب الواجب هو هذا القدر فقط، أما نفس الغسل فغير محدود بهذا الحد لأنه ثبت بالأخبار أن تطويل الغرة سنة مؤكدة.
المسألة السادسة والثلاثون: قال الشافعي رحمه الله: الواجب في مسح الرأس أقل شيء يسمى مسحا للرأس، وقال مالك: يجب مسح الكل، وقال أبو حنيفة رحمه الله: الواجب مسح ربع الرأس. حجة الشافعي أنه لو قال: مسحت المنديل، فهذا لا يصدق إلا عند مسحه بالكلية أما لو قال: مسحت يدي بالمنديل فهذا يكفي في صدقه مسح اليدين بجزء من أجزاء ذلك المنديل. إذا ثبت هذا فنقول: قوله * (وامسحوا برؤوسكم) * يكفي في العمل به مسح اليد بجزء من أجزاء الرأس، ثم ذلك الجزء غير مقدر في الآية، فإن أوجبنا تقديره بمقدار معين لم يمكن تعيين ذلك المقدار إلا بدليل مغاير لهذه الآية، فيلزم صيرورة الآية مجملة وهو خلاف الأصل، وإن قلنا: أنه يكفي فيه إيقاع المسح على أي جزء كان من أجزاء الرأس كانت الآية مبينة مفيدة، ومعلوم أن حمل الآية على محمل تبقى الآية معه مفيدة أولى من حملها على محمل تبقى الآية معه مجملة، فكان المصير إلى ما قلناه أولى. وهذا استنباط حسن من الآية. المسألة السابعة والثلاثون: لا يجوز الاكتفاء بالمسح على العمامة، وقال الأوزاعي والثوري وأحمد: يجوز. لنا أن الآية دالة على أنه يجب المسح على الرأس، ومسح العمامة ليس مسحا للرأس